سودان فيرست- ميعاد مبارك
ما زالت 40 سفارة سودانية بالخارج بلا سفراء، بعد أن أعادتهم وزارة الخارجية عقب سقوط نظام البشير، وكلّفت قائمين بالأعمال للقيام بالمهام الدبلوماسية هناك، في انتظار النتائج التي ستخرج بها لجنة إزالة التمكين التي كوّنتها الحكومة الانتقالية، وتحديد سياسة خارجية واضحة.
ومنذ تشكيل الحكومة الانتقالية في السودان، ظل التوتر والترقب يسودان المشهد بوزارة الخارجية بعد أن عزمت إعادة النظر في موضوعية التمثيل الدبلوماسي الحالي للسودان وعدد السفارات والقنصليات بالخارج وجدوى وجودها ومعايير إنشائها.
يقدر عدد الموظفين في وزارة الخارجية بحوالي (500)، منهم 255 دبلوماسياً، 166 في درجة سفير، حوالي 15 سفيراً تم تعيينهم بقرار سياسي، في وقت يصل عدد البعثات الدبلوماسية السودانية في الخارج إلى 86.
يقول دبلوماسي فضّل حجب اسمه لـ(سودان فيرست) إنّ رواتب السفراء في الدرجات من الأولى إلى الثالثة تتراوح بين 1900 إلى 3500 جنيه سوداني، في حال وجودهم في الخرطوم. أما البعثات في الخارج فتقدر رواتبها حسب تقديرات الأمم المتحدة لتكاليف المعيشة في كل دولة، وأضاف المصدر: “وزارة الخارجية بعد ثورة ديسمبر أعادت حوالي 40 سفيراً إلى رئاسة وزارة الخارجية في الخرطوم، في وقت تم تكليف قائمين بالأعمال من الدبلوماسيين في تلك البعثات لإدارة شؤونها إلى حين تكليف سفراء”، مشيراً إلى دمج بعض الإدارات والأقسام التي كانت لها خصوصية مثل إدارة الصين التي أعيدت إلى الإدارة الآسيوية وشؤون مصر إلى الإدارة العربية، بينما تم إلغاء القسم المخصص لدولة بلاروسيا ودمج ملفاته في الإدارة الأوروبية، وأردف: “الخارجية هذه الأيام تعيش حالة من الترقب والقلق، ومعظم الإدارات بلا عمل ما عدا بعض الإدارات ومكتب الوزيرة أسماء محمد عبد الله ووزير الدولة عمر قمر الدين، فضلاً عن الوكيل الصديق عبد العزيز ومدير عام الوزارة عبد المنعم عثمان البيتي”، مشيراً إلى أن الخارجية حالياً خالية من الملفات التي اعتادت العمل عليها، لافتاً إلى أن عدداً من الدبلوماسيين المنتمين الآن لقوى الحرية والتغيير، وجدوا حظوة كبيرة في عهد وزيري الخارجية “مصطفى عثمان إسماعيل” و”على كرتي”، والآن يطالبون بإقالة زملائهم المحسوبين على الإسلاميين.
سياسة واضحة
ثمة مطلبات بإغلاق قنصليات مثل “أصوصا” في إثيوبيا التي تقع بالقرب من سد النهضة في الحدود السودانية الإثيوبية مع دولة جنوب السودان، وقنصلية “أسوان” التي تقع في منطقة ذات حساسية أمنية وسياسية واقتصادية، وجدت ذلك الإغلاق استنكار البعض، لجهة أنهما منطقتا عبور مهمة، أو على الأقل تخفيض عدد الدبلوماسيين في البعثات وإعادتهم لمتابعة الملفات من الإدارة في الخرطوم سيكون أجدى من إغلاق السفارات والقنصليات.
لا ضرر ولا ضرار
لا يرى الدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية السفير الرشيد أبو شامة اي ضرر من تولي قائمين بالأعمال لإدارة البعثات الدبلوماسية للسودان في معظم الدول الأفريقية والآسيوية وحتى أوروبا، مؤكداً قدرتهم على القيام بالعمل المطلوب في السفارات والقنصليات ورعاية شؤون الجاليات هناك، وقال لـ(سودان فريست) إن السفارات الكبيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تعيق الإشكالات في علاقاتنا معها، علاقات السودان مع كل العالم، تستحق سفيراً كفؤاً يستطيع التعامل مع مؤسساتها، وأشار إلى عدم جدوى التوسع في البعثات الدبلوماسية في ظل راهن اقتصادي متردٍ ووضع داخلي يحتاج لتركيز عالٍ، فضلاً عن العلاقات الجامدة مع معظم دول العالم بسبب العقوبات الأمريكية واستمرار وضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأضاف: “يجب ان تقوم وزارة الخارجية بدراسة واضحة لمدى حوجتها للتمثيل الدبلوماسي ودرجته في الخارج”.
من جهته، قال وزير الدولة السابق بوزارة الخارجية، السفير نجيب الخير عبد الوهاب لـ(سودان فيرست) إنّ الواجهة الخارجية لأي بلد تعتمد على عنصري السياسة الخارجية والطاقم التنفيذي، مؤكداً أن طاقم العمل في الوزارة تأسس على التمكين ويفتقر للأهلية والكفاءة، وأضاف “مازال النظام السابق متمكناً بشكل كامل في وزارة الخارجية، وان لم يحدث اختراق وتقدم في الطاقم التنفيذي سيظل العالم ينظر للسودان ما بعد الثورة، نفس نظرته للسودان ما قبل الثورة، فالبعثات الدبلوماسية هي الواجهة الخارجية للسودان التي يرانا العالم من خلالها”، وطالب نجيب الخير لجان إزالة التمكين التي كوّنتها الحكومة الانتقالية أن تنجز عملها في أسرع وقت ممكن.
وكانت اللجنة العليا لتفكيك النظام السابق وإزالة التمكين، قد أعلنت في مؤتمر صحفي امس الأول إقالة ١٠٩ من العاملين بوزارة الخارجية ضمنهم ٤٩ سفيراً و١٢ وزيراً مفوضاً و٣٤ دبلوماسياً، في وقت ما زالت ٥٠ سفارة و٤ قنصليات بلا سفراء أو قائمين بالأعمال، حيث تدار بقائمين بالعمال بالإنابة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وألمانيا وإسبانيا والسويد والنرويج ورومانيا وتركيا ومصر وإثيوبيا وإريتريا وتشاد ورواندا وزيمبابوي وزامبيا والكاميرون والسنغال والمغرب وليبيا بالاضافة الى السعودية والدوحة والكويت وعمان واليمن وسوريا ولبنان وتايلاند وماليزيا والصين والهند، فضلاً عن القنصليات الأربع في جدة ودبي وأسوان وأصوصا.
من المهم الإشارة إلى أن لجنة إزالة التمكين تكوّنت بموجب قانون تفكيك نظام الإنقاذ الذي أجازه المجلس السيادي ومجلس الوزراء في 28 نوفمبر الماضي.