الخرطوم- سودان فيرست
ظلت الصحافة السودانية وعلى مر عقود طويلة من الزمان، سباقة في خلق وصناعة شخصيات استطاعت، حجز مكانها في المجتمع بشكل راسخ، سواء اتفق الناس حولها أو اختلفوا.
فقبل أن يخبو نجم أحدهم وتنطفئ ملامحه في الذاكرة، إلا من ذكرى عابرة استحضرت مواقفه وأفعاله، يسطع بالمقابل نجم جديد على سماء المشهد السوداني، تقدمه الصحافة التي تسلط عليه أضواءها ثم بعد ذلك تتناقله وسائل الإعلام الأخرى. ونجد أن هناك بعض الشخصيات التي قدمتها الصحافة أثارت جدلاً كبيراً نستعرض على حلقات بعضاً منها..
شيخ الأمين.. تصوف خارج عن المألوف
ربما لم يدر بخلده وهو يضع أقدامه على أولى أعتاب التصوف، إنه سيكون مثار جدل واسع تتسيد أخباره الصحف السودانية، لكن واتساقاً مع المثل الشهير (كل شيخ وله طريقة)، انتقى طريقته في الوصول إلى أبواب الشهرة من خلال إثارته الجدل حتى بات حديث المجالس والأوساط السودانية بطريقته الممنهجة الغريبة في عوالم الصوفية باتخاذه أتباعاً ومريدين فتيات، وهو أحد شيوخ الطريقة القادرية المكاشفية في السودان.
ظل شيخ الأمين بمسلكه الغريب في نظر الكثير ليس سوى ظاهرة أفردت لها الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى أبوابها، فتنامت حد الانتشار، ما جعله مثار استهجان وهم يلقبونه ب(شيخ الجلكسي ومحايتو بيبسي)، وهذا التعبير الشعبي في السودان هو تهكم في حق الرجل، لاعتبار أن مريديه من السيدات (جكس) ويصف لهن محاية (بيبسي)، وقد أثارت في وقت سابق صور لفتيات ظهرن على وسائل التواصل الاجتماعي غضب الكثيرين وهن يرتدين تيشرتات طبعت عليها صوره.
وفي وسط مدينة أم درمان القديمة يقع مسيده الضخم، يعج يالحيران والطقوس الغريبة، يختلف معه كثيرون ويقدحون في مشيخته ويعتبرونه أحد الأشخاص الذين ظهروا في زمن الغفلة، وقد ساعدته الصحافة السودانية كثيراً.
اُعتقل الشيخ الأمين في السودان وغادر بعدها إلى الإمارات، وأعلن دعمه للثورة الداعية لإسقاط البشير، قبل أن يخاطبه الأخير بحسب ما ذكر بالعودة إلى السودان.. وتم اعتقاله أيضاً في الإمارات بتهم احتيال وشعوذة عقب بلاغات دُوّنت ضده قبل أن يتم إطلاق سراحه ويعود إلى السودان في مواكب كبيرة حاشدة استقبلت من المطار وحتى مسيده بأم درمان.
سارة أبو.. خبيرة اجتماعية حولتها الصحف إلى طبيبة
سلّطت عليها الصحافة الأضواء بشكل لافت في أوقات سابقة وهي تتناول قضايا المرأة والأسرة والمجتمع، وغيرها من القضايا المجتمعية والصحية والطب النفسي حتى صارت عند الشعب السوداني دكتورة نفسية، ولم تلبث القنوات الفضائية أن خصصت لها برامج في هذا المجال وجدت نسبة عالية من المشاهدة حد الانتظار.
على الرغم من الشعبية الكبيرة التي اكتسبتها الناشطة الحقوقية “سارة أبو” من الصحف ورغم كاريزميتها العالية وحضورها المتكامل، إلا ان حديثها بحسب البعض يفتقر إلى العلمية وهو أشبه إلى (الونسة)، فيما يتفق معها آخرون لاعتبارات الفئات التي تخاطبها ونوعية المشاكل التي تُطرح عليها والتي تتطلب حديثاً مبسطاً يحتوي المشكلة ويدلف أذهان الناس دون إشكال.
وتنحدر سارة من مدينة الأبيض بغرب السوان، تلقت تعليمها في مدارس أجنبية، ولديها وعي عال بقضايا المرأة وحقوقها، تناهض الختان وتدعو لمحاربة الظواهر المجتمعية السالبة، وتنادي بترابط الأسر حفاظاً على الأطفال.
تقرير- سودان فيرست
ظلت الصحافة السودانية وعلى مر عقود طويلة من الزمان، سبّاقة في خلق وصناعة شخصيات استطاعت، حجز مكانها في المجتمع بشكل راسخ، سواء اتفق الناس حولها أو اختلفوا.
فقبل أن يخبو نجم أحدهم وتنطفئ ملامحه في الذاكرة، الا من ذكرى عابرة استحضرت مواقفه وأفعاله، يسطع بالمقابل نجم جديد على سماء المشهد السوداني، تقدمه الصحافة التي تسلط عليه أضواءها ثم بعد ذلك تتناقله وسائل الإعلام الأخرى. ونجد أن هناك بعض الشخصيات التي قدمتها الصحافة أثارت جدلاً كبيراً نستعرض على حلقات بعضا منها..
بله الغائب.. منجم لا تصدق تنبؤاته
قبل سنوات خلت ودون سابق إنذار، سطع نجمه على صفحات الصحف المحلية السودانية، كأحد المنجمين العارفين بأسرار العالم السفلي وخفايا الأقدار، دون أن يساوره شك في تحقق ما يقول، غير عابه بأن عوالم الغيب لا يعلم كنهها إلا الله، ولذلك طفق يطلق تنبؤاته الغريبة هنا وهناك على صفحات الصحف.
ظل الشيخ “بله الغائب” يشعل الحوارات الصحفية بحديثه الذي تتفنّن الصحف في إبرازه مانشيتات تلهب بها الساحة وتحرك سكانها، ورغم أنه وبحسب سيرته الذاتية رجل خلاوي دخل بعدها إلى ساحة رجال الطرق الصوفية، ألا أنه ووفقاً لكثيرين من المراقبين غير متفقه في الدين، ويعتمد على الآيات الشائعة كي يؤكد بها أقواله وأفعاله وليس لديه مريدون أو اتباع.
وفيما يعتبر البعض أن الرجل صنيعة النظام السابق، سيما أنه أكد في عدد من المقابلات التي أُجريت معه حبه للرئيس المعزول عمر البشير، إلا أنّ تنبؤاته حول حكمه أصابها التخبط كثيراً، فمرة نجده يؤكد على بقائه في الحكم ٣١ عاماً، وتارة أقسم بما أعطاه الله من علم بحسب ما جاء في المقابلة التي أُجريت معه بأن البشير سوف يترشح في انتخابات ٢٠٢٠ ويفوز فوزاً كاسحاً، وقطع بأنه اذا لم يحدث ذلك فعلى السلطة التي تأتي بعد البشير أن تحاكمه بالردة.
وقبل أن يصمت الشارع السوداني عن حديث بله بفوز البشير، نجده ومع اندلاع الثورة في السودان تنبأ بقتل الرئيس على يد الثوار عقب خمسة أيام وساعات و٢٣ دقيقة و١٢ وفقاً لنبوءته التي لم تتحقق، فقد زج بالرئيس السوداني السابق في معتقل كوبر أعقاب سقوط حكمه في أبريل نيسان العام الماضي.
ولا تقتصر نبوءات “الغائب” على السياسة وحتى على الإطار المحلي، ففي السياسة والرياضة والاقتصاد يفتي الرجل، محلياً وإقليمياً ودولياً، يقول توقعاته التي ذكر أنها ليست سوى عبارة عن رؤى تغشاه في المنام لتخبره بما سيحدث.
وينقسم الشارع السوداني حوله كل حسب معتقداته وأفكاره وتوجهاته، فمنهم من يأخذ حديثه من باب الدعابة مثل الطبقات المستنيرة، ومنهم من يعتقد في ما يقول، وهناك من يؤكد أن الرجل بحاجة للاستتابة، ورغم كل ذلك يظل الرجل شخصية مثيرة صنعتها الصحافة السودانية.
شيخ حسبو.. فتاوى نسائية مثيرة للجدل
على الرغم من أن البرلمان يعد منصة للدفاع عن المواطنين والمناداة بحقوقهم، إلا أننا نجده وقد سخر ترفعاته في المجلس ضد المرأة بتصريحاته الغريبة والمثيرة للجدل، وأيضاً بانتقائه الحديث عن قضايا انصرافية بحسب الكثيرين، حتى إن المناوئين للنظام السابق كانوا يسخرون منه بتسمية المجلس الوطني السودانى ب(برلمان عمر البشير) لما فيه من شخصيات ما كان لها مكان هناك.
ظل النائب البرلمان “دفع الله حسب الرسول” الشهير ب”حسبو” في نظر البعض مهووساً بالمرأة وذلك لفتاويه الغريبة التي تعيدها إلى مربع العصر الحجري، حين طالب بضرورة ختانها، منتقياً عبارات وصفية لم يستسيغها الشارع السوداني، كما حملها هزيمة القوات المسلحة في أم روابك وأبو كرشولا، حين ذكر أن ممارسة البنات لكرة القدم هو السبب.
وفي أحد تصريحاته الانصرافية، شدد حسبو على ضرورة الزواج بمثنى وثلاث ورباع من أجل الدفاع عن البلاد، مما أثار علامات استفهام واسعة في مغزى الربط بين تعدد الزوجات وسلامة البلاد.
وذاع صيت النائب حسبو حينما وقف يوماً في البرلمان مُلوّحاً بصورة المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب التي كان من المقرر إحياء حفل جماهيري في السودان وقتها قبل أعوام، فقوبل هذا الأمر بنقد واسع عرفه الناس بعدها وصار نجم (صحافة) يبث عبرها فتاويه واحاديثه الغريبة، قبل أن يأفل نجمه بانتهاء دورته البرلمانية ويعود أدراجه طي النسيان.