الخرطوم- سودان فيرست
بُعيد الإعلان عن إيقاف تعاطي الشيشة في الأماكن العامة كإجراء احترازي للحيلولة دون انتشار فيروس “كورونا”، بدا أن ذلك الإعلان ليس هو الأول على كل حال، إذ كان النظام السابق اتخذ قرارات مشابهة، ولكن بدوافع مختلفة، وتم إيقاف تعاطي الشيشة في الأماكن العامة حتى أصبحت الكافيهات تسبح في فراغ عريض وهجرها الشباب، حد أن مدير جهاز الأمن الأسبق الفريق صلاح قوش، وصف تلك القرارات بـ”الصنجاء”، لكن نفس هذه القرارات، هذه المرة لمنع تفشي وباء “كورونا”، فهل ستتوقف سُحُب الدخان المتصاعدة؟!
صحيفة (سودان فيرست) قامت بجولة على عدد من كافيهات العاصمة الخرطوم للإجابة على هذا السؤال….
موبايل شيشة
فترة بعد أخرى، تلجأ الشرطة للقيام بالمرور على أماكن تعاطي الشيشة، وتكشف عن ضبطيات ولسان حالها يقول إن التعاطي يتم في غرف مغلقة بفنادق ومطاعم وكافيهات، وكانت السلطات في السابق قد حذرت من خطورة تعاطي التبغ عبر تأجير الفنادق والمطاعم والكافيهات للشيشة بشكل كثيف، واكدت ضبطهم مخالفات في أكثر من (30) فندقاً وأكثر من (25) كافيهاً (جمبة) بالعاصمة.
ذلك التخوف مرده التعاطي الكبير للتبغ بأنواعه من قبل عدد من طالبات الجامعات وطلبة الأساس، وضبطهم لما يُعرف بـ(موبايل شيشة) وسط عدد من طالبات الجامعات.. كما أن دراسات علمية تشير إلى أن 30% من سرطانات الرئة والمعدة والمريء بسبب التدخين، وأن نسب السرطانات وسط الأطفال في الأسر المدخنة أكثر 3 مرات من الأسر غير المدخنة.
الشيشة عروس المكان
لافتات أنيقة برّاقة تُوحي بأنك تتجول داخل أرقى العواصم العالمية وبداخلها إضاءة خافتة لتخبرك بأن ليل الخرطوم قد جنت ساعاته، واذا أردت معرفة مواعيد عمل واغلاقه ما عليك سوى الاتجاه صوب هاتفك المحمول، ومنها الى صفحة المقهى على “فيسبوك” لتجدها عامرة بنشاط دؤوب، تؤذن عن برامج ثقافية وجلسات موسيقى ومعارض تشكيلية وحفلات حتى الساعات الأولى من الصباح.
وهناك نوع آخر من المقاهي وهي عبارة عن أماكن لتعاطي القهوة والشيشة والمشروبات الباردة في بعض الأحيان، في مقهى على قارعة الطريق بالعمارات، جلسنا نتامل المكان لفترة نصف ساعة، أغلب عاملات المقهى سودانيات يرتدين أزياء في قمة الذوق والأناقة ، ثمة موسيقى صاخبة، كانت المقاعد مرتبة لجلسات جماعية، الشيشة كعروس، يلتف الناس حولها وتتصاعد ادخنتها، لمنع رقم القرار، ولا يبدو أن “كورونا” تُرعب أحداً هنا، إلى جوارنا ثلاث فتيات يتبادلن مبسم الشيشة وهنا مبتسمات، إحداهن قد تدخن سيجارة فاخرة، وشاب يقرأ في كتاب على مقربة، كان المكان هادئاً من الثرثرة فقط صوت الموسيقى وكرير الشيشة المتواصل بلا انقطاع.
مشهد آخر في العراء
بجانب أحد المطاعم لأحد الشوارع الداخلية بأم درمان يصطف كثير من الشباب يدخنون الشيشة بشراهة مع فناجين القهوة او البيبسي البارد، يحدث ذلك في العراء، أسعار الشيشة هنا تبدو أقل كثيراً من أسعارها في الكافيهات، سعر الحجر “٣٠” جنيهاً، ربما لأن المكان غير مؤجر، وعلى ذات الرصيف سيدة أمام تربيزة يساعدها ابنها الصغير لقضاء احتياجات الزبائن الذين يفوق عددهم ١٥ شاباً، وفي هذا المشهد يبدو مألوفاً في الرصيف قبالة شارع النيل في الخرطوم.
حفل منتصف الليل
في كافي آخر بالعمارات، كانت الساعة تدنو من العاشرة ليلاً، عدد الفتيات أكثر من الفتيان وهي سمة بارزة في معظم كافيهات الرياض والعمارات تقريباً، معظم العاملات هنا من دولة مجاورة، الأسعار أعلى بكثير مقارنة مع شيشة أرصفة الخرطوم، وكان لافتاً الحفل الذي سيبدأ بعد قليل، فنان معهود يقدم كل يوم فاصلة غنائية، الأورغ والسماعات الكبيرة، المكان مزدحم بالضيوف، وقد وصل إلى الذروة عند منتصف الليل، كانت الضحكات عالية، مع مزيج من الطرب والمِزاج المعتدل، معظم الناس يعرفون بعضهم بالأسماء ولا يبدو أن أحداً ايضاً انصاع إلى قرار منع الشيشة، بل لم تصادفنا سيارة دورية الشرطة وهى تتجول للتأكد من الالتزام بالقرار، لكن أماكن أخرى كانت تقدم الشيشة في ضاحية بري توقفت وبدأت تقدم فقط المشروبات الساخنة والباردة، إلى جانب شاشة عرض بلازا للأفلام ومباريات كرة القدم، وهذا جعلها فارغة إلا من بعض الشباب، مثل شوارع الخرطوم مطلع هذا الأسبوع وهي تتجنّب رياح جائحة “كورونا”.