سودان فيرست ــ الطيب إبراهيم
شيّع المئات من قادة القوات المسلحة والشرطة ولفيف من المواطنين، يتقدّمهم رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس أركان الجيش الفريق أول محمد عثمان الحسين، شيّعوا وزير الدفاع في الحكومة الانتقالية الفريق أول جمال عمر إلى مثواه الأخير بمقابر فاروق بالخرطوم. وكان عمر توفي في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء بمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، حيث كان يرأس الجانب الحكومي في مفاوضات السلام السودانية.
ووصل الجثمان الثانية ظهراً بتوقيت الخرطوم، وأقيمت له مراسم استقبال رسمية بحضور رئيسي (السيادي والوزراء) وأعضاء الحكومة الانتقالية بمطار الخرطوم، قبل أن ينقل الجثمان لمستشفى السلاح الطبي لإجراء تشريح الجتمان تنفيذاً لمطالب أسرته، ثم انتقل الجثمان بعد ذلك إلى المنزل بالرياض قبل أن يوارى الثرى في تمام السادسة والنصف من مساء اليوم الأربعاء.
حضور مبكر
حرص قادة كبار من القوات المسلحة للحضور مبكراً للمقابر، بجانب زملاء وزير الدفاع من المعاشيين، حيث عبر بعضهم في حديث لـ(سودان فيرست)، عن حزنهم الخاص على فقدان جمال عمر، مشيرين إلى أن الرجل يمتاز بالضبط والربط والمهنية، وكان حريصاً على قومية القوات المسلحة.
بجانب حضور قادة الجيش، حضر أيضاً ضباط كبار من قوات الشرطة في وقت مبكر ورابطوا أمام البوابة الشمالية للمقابر، ولاحظت (سودان فيرست)، الحضور المميز لنائب رئيس حزب الأمة القومي، اللواء معاش فضل الله برمة، الذي بدا متأثراً للغاية.
غياب مثير
كان لافتاً للانتباه، غياب نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان حميدتي ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء حكومته والمكون المدني في مجلس السيادة، حيث غابوا جميعاً عن تشييع الفقيد والصلاة عليه بالمقابر، باستثناء الحضور المميز لوزير الداخلية.
وعلمت (سودان فيرست)، أن المكون المدني بمجلسي السيادي والوزراء كانوا حضوراً في استقبال الجثمان بمطار الخرطوم، وأن تغيبهم عن التشييع كان بدواعي “كورونا”، حيث لوحظ الحذر بادياً على رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس أركان جيشه الفريق أول محمد عثمان الحسين، اللذين شاركا في التشييع والصلاة مرتديين (الكمامة) أخفت نصف وجههما، بينما لم يرتد وزير الداخلية ولا والي الجزيرة، اللذين شاركا في التشييع (الكمامة).
عودة مبهرة
أعاد رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، الراحل جمال الدين عمر للخدمة مرةً أخرى وعيّنه وزيراً للدفاع، حيث أحيل للمعاش في عهد المعزول عمر البشير. واعتبر كبير الموجهين بمعهد الاستخبارات، اللواء معاش عبد الرزاق شريف أبو بكر، إحالة جمال للمعاش في عهد المعزول بـ(اغتيال الشخصية)، لافتاً في حديث لـ(سودان فيرست) أنه سأل عن سبب إحالة جمال للمعاش في عهد البشير، فلم يجد إلا ثناءً عليه من الجميع، وأضاف: (جمال تعرض لاغتيال شخصية وحسد من البعض ولذلك تمت إحالته للمعاش)، معتبراً أن ترقيته وتعيينه وزيراً للدفاع كان قراراً صائباً، وأن فقده اليوم كارثة بمعنى الكلمة للقوات المسلحة ولملف السلام الذي أرهق نفسه من أجله.
نتيجة التشريح
وفق مصادر حادثت (سودان فيرست)، فإن أسباب الوفاة، التي أظهرها التشريح سببها ذبحة صدرية مفاجئة، مشيرين إلى أن الفقيد بذل مجهوداً مضنياً في مفاوضات السلام بجوبا، وكان حريصاً على إتمامها بنجاح.
وعلمت (سودان فيرست)، أن وفداً من الجبهة الثورية سيصل الخرطوم لتقديم واجب العزاء في وفاة جمال عمر، في وقت تم تأجيل التفاوض لمدة أسبوع بطلب من الحكومة السودانية.
الحزن هنا، تماماً كما عبّر عنه الصادق الرضي، لا يتخير الدمع ثياباً كي يسمى في القواميس بكاءً، هو شئ يتعرى من فتات الروح يعبر.. أو يبدو هلاماً في مساحات العدم.. الرجال هنا في مقابر فاروق يتجملون بالصبر على مغالبة الدموع لكن جمال لن يبدو هلاماً، سيظل عملاقاً في مساحات الحضور وفي عقول زملائه للأبد.