سودان فيرست ــ الطيب إبراهيم
في السابع والعشرين من مارس للعام 1970، فضت السلطة المايوية بقيادة جعفر نميري، اعتصاماً مفتوحاً للأنصار بقيادة الإمام الهادي المهدي، ضربت السلطة المدعومة حينها من اليسار السوداني، الجزيرة أبا براً وجواً وبحراً، مخلفةً أكثر من 700 شهيد ومئات الجرحى. لا تزال بعض آثارها موجودة كما لا يزال بعض الأنصار بالجزيرة أبا ممن شاركوا في تلك المعركة يتذكّرون تلك الأحداث بشئ من الأسى والمرارة، حيث فقدوا أحباءهم وأقاربهم، وقبل ذلك إمامهم، في أكبر جريمة ضد مدنيين في تاريخ السودان.
يقول الصادق الهادي المهدي، إن ثلاث دول شاركت على نحو ما في ضرب الجزيرة أبا، من بين تلك الدول، الاتحاد السوفيتي، الذي أرسل طائرات (ميج 21) ولما لم يكن الطيارون السودانيون يجيدون قيادتها، قادها طيارون روس وشاركوا مُباشرةً في ضرب الجزيرة أبا، إضافة إلى ليبيا ومصر، والأخيرة بحسب الصادق الهادي لم تشارك فعلياً في المجزرة، لكن قائد سلاح الجو المصري، محمد حسني مبارك قدم نصائح وإرشادات لجعفر نميري.
أحيا آلاف الأنصار، اليوم الجمعة، الذكرى الخمسين لمجزرة الجزيرة أبا، حيث أنّ بعضاً ممن أحيوا الذكرى اليوم، كانوا شهوداً على تلك المعركة غير المُتكافئة التي استمرت لثلاثة أيام بين مدنيين يحملون حراباً وسُيُوف وسُلطة غاشمة لديها طائرات ودبابات ومدافع ثقيلة. ومثلما المعارك العظيمة دائماً لا تنتهي بتوقف السلاح، فإنّ معركة الجزيرة أبا على نحو ما، صاغت مُستقبل السودان السياسي، واستمرّت آثارها إلى اليوم، ومثلت بحق نقطة فاصلة في تاريخ السودان السياسي، حيث أدرك جعفر نميري، وقتها، اليسار الذي يستند عليه لا يملك قاعدة عريضة وغير مقبول لدى الشعب السوداني، وهو الأمر الذي قاد للمجزرة التي ارتكبها نميري بحق الشيوعيين، حيث أعدم أشهر قادتهم وزجّ بالبقية في السجون، ما مهّد الأمر لمصالحة 1977.