:: سودان فيرست- عزمي عبد الرازق ::
كامل التضامن مع شيخ العرب حسن فضل المولي”، كانت تلك عبارة محفزة للاستفهامات، غصت بها جدران صفحة الإعلامية نسرين النمر، نهاراً، ما ينبئ على نحوِ واضح بتفاصيل غير مرئية، تستوجب التقصي، على الأقل الآن، أو دعونا نطل على قناة النيل الأزرق، من وراء الكواليس هذه المرة، لا من الشاشة الزرقاء، إذ يبدو ثمة إشكالية أخرى، غالباً نهضت من ركام الماضي البعيد، في تلك البناية المتواضعة، قبالة مدخل التلفزيون القومي .
في نفس الوقت الذي كانت فيه نسرين النمر تتحفّز لحفر تدوينة على صفحتها بالفيسبوك، كان بعض العاملين في النيل الأزرق، نهار الأحد يشهرون لافتات مطالبهم، على شاكلة (من الظلم أن تدار قنوات الشعب بواسطة الكيزان).. (ارفعوا الظلم عن النيل الأزرق.. أزيلوا التمكين)، ولافتة من القماش تنحى باللائمة على مدير القناة الأستاذ حسن فضل المولى، الملقب بالجنرال لنفوذه وقوته.
لم تظهر أي مذيعة شهيرة وراء اللافتات، كانت الجزيرة مباشر و السيارات في شارع النيل تراقب الموكب التلفزيوني الذي انتشر في مساحة طابور قصيرة، وهتافات طويلة، بشكل أيضاً اختصر المطالب في التغيير، تغيير كل شيء ممكن .
من المهم الإشارة إلى أن قناة النيل الأزرق تأسست في العام ٢٠٠٣ أي قبل نحو (١٧) عاماً تناوب على إدارتها شخصان هما، بابكر حنين، وحسن فضل المولى، حيث قضى الأول نحو أربع سنوات، بينما لا يزال الجنرال حسن فضل المولى يجلس على مقودها منذ (١٣) عاماً تقريباً، وقد توالت عليها بعض المشاكل، دون أن تتراجع نسبة المشاهدة، أبرزها الحريق الذي التهم استديوهاتها قبل ثلاثة أعوام، إلى جانب قطع إدارة القمر الصناعي الإرسال عنها بسبب المديونية التي تجاوزت وقتها ٦٠٠ ألف دولار، كذلك خروج سودانية 24 من رحمها، في عملية ولادة مرهقة إلى حد بعيد، وتوالي رحيل نجومها، الشفيع عبد العزيز، سعد الدين حسن ومحمد محمود (حسكا) وقضية سهام عمر، وقد ظلت النيل الأزرق تقاوم عصف رياح تذروها من جوانب عديدة.
كانت قصة الأسهم لوحدها شاهدة على نزاع طويل، ما بين رجل الأعمال وجدي ميرغني والشيخ السعودي صالح الكامل وتلفزيون السودان، ووزارة الأوقاف. وبالرغم من أن التلفزيون القومي يمتلك أقل الأسهم، تقريباً 20% مع ذلك تتجلى على نحو ما سيطرة حكومية نسبياً، لكن يصعب أن تصل درجة التمكين لكوادرها، كما يبدو من شغل القناة بالكوادر المميزة والثائرة أيضاً، فيما اشترى وجدي ميرغني (54%) من أسهم قناة النيل الأزرق الفضائية، وقد آلت تلك الأسهم له إثر صفقة مباغتة مع الشيخ السعودي استعادت لها ملكيتها الوطنية، لكن وجدي ظل أيضاً يقاوم عاصفة اتهامات بأنه يعتني بسودانية 24 أكثر من النيل الأزرق، يستأثر بطفلة مدللة تنتسب له بالكامل حالياً بعد خروج الطاهر حسن التوم، وأخرى يتنازع عليها الآباء، هي الشاشة الزرقاء، كما لو أن وجدي يريد أن يتحكم في الفضاء بمِزاج رجال البزنس المولعين بامتلاك كل شيء ممكن.
بالأمس، رشحت معلومة عن استغناء قناة النيل الأزرق عن خدمات منتجة بالقناة بسبب، ما وصف بتعاملها غير اللائق مع الفنانة آمال النور عقب تسجيل سهرة للقناة قبل أيام، ما اضطر القناة للاعتذار للفنانة، وهو ما أكده المدير العام الأستاذ حسن فضل المولى، وهذا بدوره يجعلنا نبحث عن تلك المنتجة لمعرفة التفاصيل. لن نشير إليها بالاسم، وسنكتفي بالصفة المهنية، عندما استفسرنا المنتجة روت تفاصيل قصة مغايرة، وعادت بنا إلى سهرة تلفزيونية عن (مصطفى سيد أحمد) قامت بإنتاجها، وهى آخر سهرة قدمتها المذيعة الراحلة رتاج الأغا، في ذلك اليوم، كان هنالك اجتماع بخصوص زيادة الرواتب بين المدير العام والعاملين، واعتذرت المنتجة بسبب تضارب المواعيد مع التسجيل، وقد مرت السهرة دون مشاكل عدا الحاجة لترحيل آمال النور إلى منزلها، وهو الأمر الذي لم يتيسر بسبب أزمة الوقود، وقد نفت المنتجة وجود أي تصرف غير لائق مع الفنانة، وقالت إنها ودعتها ولحقت بالاجتماع، وما زالت على تواصل معها، حتى أن آمال نفت للمنتجة التقدم بشكوى في حقها، وقالت إنها لم تتلق ما يفيد بفصلها، وإنها لحقت بالاجتماع مع المدير العام، وانتقدت مشكلة ضعف الأجور، حتى إن المدير العام، تقصد الأستاذ حسن فضل المولى، يشتكي من أنه يعتلي سيارته الخاصة، لا يحظى بامتيازات القناة، وانتفض في وجههم قائلاً بعد أن اعترضوا على المحاباة في تحسين الرواتب(العاجبو عاجبو والما عجبو يمشي وما ح نزيد)! فردت عليه المنتجة بالقول “جرب أمشي إنت المرة دي”، وهو ما أغضب الجنرال فأضمرها في نفسه وفقاً للمنتجة، التي قالت إن النيل الأزرق تستحوذ على 60% من سوق الإعلان، وبالتالي هي قناة ليست خاسرة، على كل حال .
ثمة تساؤل يقاوم الصمت المثير، هل اضاءت لجنة إزالة التمكين الإشارة الحمراء بخصوص النيل الأزرق؟ وهل بإمكان وزارة الاعلام تحريك أحد هنالك، وأعني هنا الرجل الأول، الذي يتحلى بقوة ادارية هائلة ويبدو ممسكاً بمقاليد الأمور داخل القناة الأكثر شهرة في السودان، لكن لا أحد يعرف ما تنطوي عليه الليالي الحالكات، أو ما يدبر في الخفاء، فقط كان وجه الجنرال صديق الجميع تسفعه النسائم.
بالنسبة للمخرج لؤي بابكر صديق، فإن الاحتجاج مشروع، لأنه يتطلع إلى تحسين الأوضاع الإدارية والمالية، وأضاف لؤي لـ(سودان فيرست) أظن ان استقالة الأستاذ حسن فضل المولى هي الأنسب رغم أن نجاح القناة في سنوات سابقة يحسب له، لكن القناة في حاجة للتغيير وتجديد الدماء وهي سنة الله”، ومضى لؤي للحديث بعيداً عن فكرة التمكين، مرجحاً أن يكون للمدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون لقمان أحمد دور في التغيير المنتظر.
المدير العام حسن فضل المولى لا ينظر للتطورات داخل القناة بأي نوع من القلق، فهو يعتقد أن ما جرى طبيعي، وعندما سألته ماذا يحدث داخل القناة؟ أجاب “لا شيء”، وقال إنه يتفهم الاحتجاج وقد استلم المذكرة، وتعهد بالزيادة، مضيفاً “بل زدناهم 50% ومع ذلك ترى أصوات بأن الزيادة ضعيفة”، لافتاً إلى أنهم شركة خاصة تعتمد على مواردها الذاتية، أما بالنسبة لأصحاب موكب الأحد فقد وصفهم بالقلة، لا يتجاوز عددهم العشرين، قائلاً “استجبنا لطلبهم وأنا استلمت منهم رسائلهم”، واعتبر الحديث عن الدولة العميقة داخل القناة وإزالة التمكين مجرد مزايدات واستغلال للثورة، وأضاف أنه يقوم بعمله وفقاً لمسؤولياته، وأن القناة عموماً ليست لها علاقة بالمشاكل السياسية، ومفتوحة لكل الآراء، بل أن حتى الذين اعترضوا عليه قام هو بتعيينهم، وأضاف “لو كان في تمكين لما وجدوا طريقهم للقناة”.
فيما يخص التمويل، قال حسن فضل المولى إن الدولة حالياً لا تدعم قناة النيل الأزرق، وهي لديها مواردها الذاتية، لكن علاقتهم جيدة بوزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، كذلك وكيل الوزارة الرشيد سعيد، وقد وجدوا منهما كل التعاون والتفهم، ولم تصلهم أي إشارات أو محددات بخصوص خط القناة، لافتاً إلى أنه تسلم زمام الأمور في العام 2006 وكانت النيل الأزرق تمول بواسطة تلفزيون السودان، لكن بعد ثلاثة أشهر بدأت تعتمد على نفسها.
أما تقسيم الأسهم حالياً فهى 540 شركة سونان للطباعة والنشر المحدودة، ويشار لها بوجدي ميرغني، شركة تل البركة لإدارة العقارات 60 الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون 200 الأوقاف 200 ومع عجز الأوقاف عن الايفاء بالتزامات السداد غالباً ستؤول أسهمها إلى وجدي ميرغني والتلفزيون القومي، لترتفع بذلك أسهم التلفزيون 30% تقريباً”