الخرطوم- سودان فيرست
فَوضى واتّهامات ومُلاسنات لفظية ومُطالبات بالاستقالة، وتهديدات للصحفيين.. كانت تلك هي مجريات المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير المالية والتخطيط الاقتصادي وطاقمه اليوم الخميس بمنبر وكالة السودان للأنباء، وذلك للحديث إزاء اللغط الذي دَارَ حول امتياز شركة “الفاخر” لاستيراد بعض السلع الاستراتيجية.
مُؤتمر صحفي بلا صحفيين
اكتظت قاعة المؤتمر بعشرات من النشطاء السِّياسيين، وبعض التُّجّار ورجال الأعمال والصّاغة أيضاً، فلم يجد الصحفيون مقاعد خاصّة بهم، بل كان عددهم قليلاً، وبعد أن بدأ المؤتمر تمّت مُقاطعة حديث وزير المالية وضُيُوفه أكثر من مرة، وكانت أشبه بندوة سياسية في ميدانٍ عامٍ، مُداخلات وإساءات واتّهامات حَدّ الاشتباكات اللفظية، دُون الإيفاء بالغرض الأساسي للمؤتمر الصحفي، وهو طرح الأسئلة والتّقصِّي حول الحقائق، حتى اضطر مدير وكالة (سونا) للتدخُّل وضبط القاعة!
توقُّف البث!
توقّف البث لأكثر من مرةٍ في القنوات الفضائية بسبب المُقاطعات، والإساءات وتأسّف كَثيرٌ من الصحفيين على المُستوى الذي تمّ فيه المؤتمر الصحفي وطبيعة المُداخلات عموماً!
ماذا عن “الفاخر”؟!
تأخّر انطلاقة المؤتمر بسبب إشكالات في الصوت، وبعد المُعالجات بدأ وزير المالية د. إبراهيم البدوي، مُدافعاً عن خطوة وزارة المالية في منح شركة “الفاخر” لاستيراد 50 ألف طن من القمح في الأسبوع الثاني من ديسمبر العام الماضي، قائلاً: “في تلك الفترة بلغ مخزون القمح مرحلة حرجة وكان يكفي لمدة أسبوع، وتعذّر على بنك السودان توفير النقد الأجنبي لاستيراد القمح، مِمّا أجبر وزارة المالية للبحث بصُورةٍ عاجلةٍ عن مصادر من جهات داخلية لسداد قيمة الشحنة”، وزاد الوزير: إنّه وبعد اتصالات مع قيادات الدولة ورجال الأعمال، بادرت شركة “الفاخر” في توفير قيمة الشحنة، البالغ قدرها 28 مليون دولار على أن تسترد بالعُملة المحلية، وتَمّ الاتفاق معهم لاستخدام تلك الدفعية لشراء ذهبٍ للتصدير إغلاقاً لمنافذ شراء العُملة من السُّوق المُوازي، وأشار إلى أنه بمُوجب لوائح قانون الشراء والتعاقُد، يمنح للوزير صلاحيات العمل للتعاقُد المُباشر، وتم التعاقُد مع شركة “الفاخر” لاستيراد الكمية المعنية، مُؤكِّداً أنّ المشتريات في مثل هذه الظروف تتم في إطار التعاقُد عبر الشركات بعد أن تُوفِّر المالية النقد الأجنبي، مُشيراً إلى أنّ العملية تمّت بعلم كل الجهات المُختصة في الدولة، وزاد قائلاً: “كل من له تحفُّظات، عليه أن يذهب للنيابة العامة، فأبوابنا مفتوحة والكل تحت سقف القانون وأنا لست فوق القانون”.
ظروفٌ حرجةٌ
وأشار البدوي إلى أنّ البلاد تمر بظروف اقتصادية حرجة، وأن الحكومة الانتقالية جاءت في ظل ظرفٍ اقتصادي صعبٍ، ولم يتم تقديم دعمٍ كافٍ للبلاد، إلا من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، وأردف قائلاً: “شاكرون لهما.. الدعم ساهم وبشكلٍ كبيرٍ في توفير مُدخلات الإنتاج واحتياجات البلاد من القمح والوقود ونتطلّع لمزيدٍ من الدعم منهما”، وأعرب عن تقديره لذلك قائلاً: “كسودانيين لسنا من الذين يجحدون الدعم والعطاء، ونحتاج إلى مزيدٍ من النقد الأجنبي لتوفير السلع الاستراتيجية”، وقال البدوي إنّ احتياجات البلاد شهرياً من السلع الاستراتيجية تصل تكلفتها إلى 302 مليون دولار، منها 45 مليون دولار للقمح، و212 مليون دولار للوقود، و45 مليون دولار للأدوية شهرياً، وتزيد هذه الأرقام أو تنقص حسب الاحتياجات الظرفية بالبلاد، واعتذر البدوي من تأخُّر المُعالجات في كبح جماح التضخم وإحداث استقرار في سعر الصرف، وأشار إلى وُجُود خُطة لذلك، لكن تحتاج إلى مسألة تراكمية وحوارٍ مُجتمعي .
عن الاستقالة
ورداً على مُطالبته بتقديم استقالته، واتّهامه بالفشل، وأنه يحمل جنسية أمريكية، قال وزير المالية والاقتصاد إنّه غير حريصٍ على المنصب في الوزارة، وسيستقيل متى ما رأي أصحاب الحق ذلك، مُؤكِّداً أنه يسكن حتى الآن في منزله، وليس في منزل حكومي، ووصف وضع الاقتصاد حالياً كوضع المريض، الذي لا يأخذ الأدوية، وأن الاقتصاد اُستبيح طوال زمن النظام السابق، وأشار الوزير إلى أنّ كثيراً من الذين قدّموا أنفسهم كخُبراء اقتصاد في عهد النظام البائد لم يكونوا خُبراء، بل ساهموا في هذا التشويه، مُؤكِّداً أنهم لم يخرجوا من عملية زيادة الرواتب وتحسين الأجور، وأشار إلى أنه تم تقديم التوصيات وإجازتها، وهو رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3 آلاف جنيه، وأوضح أن هنالك عدة سيناريوهات، الأول يقوم على التطبيق مُباشرة في هذا العام، لكنه مُكلِّف للخزينة العامة بواقع 50 مليار جنيه، مما يزيد من العجز وقد يخرج العجز من حدوده، أما السيناريو الآخر يتم تطبيقه خلال عامين، مُعتبراً أن السيناريو الثاني هو الأكثر واقعية لأنه يكلف 7 مليارات جنيه فقط، حيث سوف يتم تقسيم الزيادة إلى فترتين .
الذهب ومراجعة الشركات الحكومية
وكشف الوزير أن الفترة المقبلة ستشهد مراجعة كل الشركات الحكومية التابعة للأجهزة الأمنية والمالية، وأشار اجتماعٌ انعقد أمس بالمالية بخصوص الشركات التي تتبع لجهاز الأمن والجيش، ونتيجة لذلك توصلوا إلى تفاهمات، وأوضح أن شركة السبيكة ستؤول للمالية، وستساهم في تطوير قطاع التعدين .
من جهته، قال علي عسكوري مدير إدارة السلع الاستراتيجية بوزارة المالية: “لا يوجد أيِّ اتفاق مع شركة الفاخر في احتكار استيراد وتصدير السلع، وأن مجال صادر الذهب مفتوح لكل الشركات حسب اللوائح والضوابط المنصوص في منشور البنك المركزي”، مبيناً أن دور المالية يتمحور في توفير الأموال للتعاقدات المُختلفة، فيما أشار ممثل بنك السودان المركزي محمد بكري أنّ البنوك المركزية لها وظائف محددة، وهنالك تنسيق تام مع المالية فيما يلي ملف الذهب، وأن البنك المركزي خرج من صادر الذهب، ويقوم بوضع السياسات المنظمة لذلك .