حوار خاص – سودان فيرست
•بدايةً، ما هي انعكاسات وفاة وزير الدفاع السوداني على سير المفاوضات وملف الترتيبات الأمنية، سيما أنّ الراحل أبدى جدية في التوصُّل مع الجبهة الثورية وحركات النضال إلى اتفاق سلام يُنهي مُعاناة شعب ووطن؟
ــ دعيني أولاً أقدم التعازي الحارة للحكومة الانتقالية في الخرطوم وإلى أسرة الراحل في وفاته المفاجئة، مع دعواتنا له بالرحمة والمغفرة وفيما يلي انعكاسات وفاته على سير المفاوضات، فإنه من الصعوبة وبل المبكر التكهن باتجاهات التفاوض سلباً أو إيجاباً، لأننا لم نتعامل مع المرحوم حتى الآن في تفاوض فعلي حتى نخرج بانطباعٍ عنه كشخص مسؤول من هذا الملف الشائك.
•لم تلتقوا به في جلسات التفاوض؟
ــ كان من المُفترض أن نلتقي معه في أول جلسة رسمية بعد الافتتاح بعد يوم من وفاته ولكن إرادة الله كانت سابقة، ولكني أعتقد أن أمر السلام في السودان قضية استراتيجية من أجل استقرار السودان وأمنه ورفاهيته وبالتالي يجب ألا يرتبط بالأشخاص.
•التقيتم معه في الجلسة الافتتاحية، ما الانطباعات التي خرجتم بها عند لقائه؟
ــ التقينا في الجلسة الافتتاحية لملف الترتيبات الأمنية يوم 18 مارس والتي اختصرت على كلمات من جميع الأطراف، وما لفت نظري يومها في كلمة وزير الدفاع الراحل، رغبته الحقيقية في مُناقشة ملف الترتيبات الأمنية والوصول فيه لاتفاقٍ مع القوى الثورية، ورغبته الشديدة جداً في تكوين جيش قومي يُحظى بقبول كل أهل السودان، وهذا يُعتبر اعترافاً – ولأول مرة – من رجل في قمة مؤسسة الجيش.
•الخرطوم ستدفع بوزير دفاع جديد للتفاوض، ما هي تقديراتكم وتوقُّعاتكم لمدى التوافق الذي يُمكن أن يتم بين الطرفين؟
ــ حتى هذه اللحظة نحن لا نملك أيِّ معلومات دقيقة عن هوية وزير الدفاع القادم، لكن المُهم للقادم الجديد أن يحمل أجندة الحكومة وليس أجندته الشخصية.
•يُفهم من ذلك أنّ أجندة الحكومة تكاد تتوافق مع طرحكم؟
ــ نعم، لأنّ الحكومة الحالية حكومة ثورة وليس حكومة على رأسها البشير، ومهما اختلفنا حول هذه الحكومة، فإنّنا نؤمن بحرصها وسعيها للوصول الى السلام. وبالتالي نرحب بأي ممثل للحكومة لهذا الملف بشرط ألا يحمل معه (التابوهات القديمة).
•مثل ماذا؟
ــ يجب أن يفتح ملف الجيش والنقاش حوله بكل أريحية ليصير جيشاً قومياً أُسوةً بما حدث في إثيوبيا عقب انهيار نظام مانقستو هايلي ماريام.
•لا تزال لديكم مخاوف؟
ــ المخاوف موجودة، ومن المُهم للحكومة في الخرطوم ولملف السلام نفسه تسمية وزير دفاع يحمل فكراً قومياً كالراحل جمال عمر.
• الترتيبات الأمنية، ملفٌ شائكٌ ومعقدٌ، وهناك مقترحٌ لكم بإعادة بناء الجيش السوداني، وقد يصطدم هذا المُقترح بممانعة حكومية، إلى أيِّ مدىً ستقدم حركات الكفاح تنازُلات في هذا الجزء من أجل العبور للسلام النهائي؟
ــ الترتيبات الأمنية في طور المُناقشة الآن، ومن المعروف أن الحكومة هي من تقدم التنازلات، وعندما نتحدث عن هيكلة الجيش لا نعني تفكيكه وإنما نعني استيعاب أبناء الأقاليم المُهمّشة بإعداد توازن وزنهم السكاني وتمثيلهم بشكل عادل ومتوازن في القيادات العليا لهذه الأجهزة، سواء كان ذلك في الجيش أو الشرطة أو جهاز الأمن والاستخبارات، وهذا حَقٌ طبيعيٌّ ومشروعٌ.
•غياب عبد الواحد نور، سيجعل (سلام جوبا) ناقصاً ولن يحقق الاستقرار المرجو؟
ــ غير صحيح، ما يُميِّز منبر جوبا، هو أنه ناقش قضايا جذور أزمة دارفور ووضع الحلول لها، مع مُعالجة آثار ومُترتِّبات الحرب، وهي القضايا نفسها التي ظل يطرحها عبد الواحد.
•ومع ذلك، رفض الانضمام للمنبر؟
ــ لا نرى سبباً لغيابه، لكننا سنُرحِّب به في أيِّ لحظة للانضمام للمنبر وأخذ موقعه، أما موضوع أنه يتمتع بثقل في دارفور، فهذا أمرٌ تقديريٌّ، لأن الثقل السياسي هو بالجماهير، والجماهير دائماً مربوطة بقضاياها وليس بأمر آخر.
•هل من الحكمة إصراركم على عدم تكوين المجالس التشريعية قبل توقيع اتفاق السلام؟
ــ أمر تكوين المجالس التشريعية وتعيين الحُكّام المدنيين للولايات محكومٌ بميثاقٍ مُوقّعٍ بيننا والحكومة الانتقالية بإعلان جوبا، وأي تجاوز لهذا الأمر مرهونٌ بمُوافقة الطرف الآخر، ولا نرى حالياً أيِّ مُبرّر أو حكمة في تعيين الولاة والمجلس التشريعي قبل التوقيع على اتفاق السلام.
• لديكم مُلاحظات على قوى الحرية والتغيير، ومناوي أعلن عن مواقف سالبة من التحالف الحاكم خلال جولته في مُعسكرات النازحين شرق تشاد، كيف سيتم التعامُل بين الشركاء فور توقيع سلام في ظل تلك التناوشات؟
ــ مناوي لديه شعورٌ قوي بأنّ قِوى الحرية ليس من أولوياتها السلام، ويظهر ذلك في مُحاولة نكصها للاتفاق بالعمل على تشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة قبل توقيع الاتفاق، لكن في حالة تم التوقيع على الاتفاق فستضيق بلا شك فرص الخلاف بيننا وبين (إخوتنا) في قِوى الحُرية.