سودان فيرست- الطيب إبراهيم
كَانَ من المُخطّط لدى الرئيس المعزول عمر البشير، أن يكون اليوم السبت الحادي عشر من أبريل للعام 2020، أول أيام الانتخابات الرئاسية، التي أعلن عدم ترشُّحه لها، ثمّ عدّل عن رأيه مثلما يفعل وفعل كل مرة. وكان من الطبيعي أن يفوز الرجل بدورة رئاسية جديدة، مُتحدياً الدستور والقانون ونواميس الكون ليصبح رئيساً للسودان في سادس دورة انتخابية، وزعيماً وحيداً لمدة (36) سنة كاملة، عبر تزويرٍ مُملٍ للانتخابات مثلما حَدَثَ ويحدث كل مرة!
تطلب فصل هذه المتوالية اللا نهائية، هدر دماء ذكية وأرواح طيبة، لم تستكن يوماً واحداً لآلة البطش، وبفضل هذه الدماء، كان اليوم السبت الحادي عشر من أبريل 2020، الذكرى الأولى لسُقوط المخلوع وليس البشائر الأولى لفوزه في انتخابات 2020 كما هو مُخَطّطٌ له.
لم يقرأ البشير بما يكفي، سيرة موسوليني وهتلر، ولا حتى سيرة مُعاصره، نيكولاي تشاوتشيسكو، ديكتاتور رومانيا، ليستشف منها خط سيره وتوجيه الدّفّة، لكنه اعتمد بكلِّ صَلفٍ على (جَوقة) مُناصرين أوهموه أنّه أكثر رئيس محبوبٍ على وجه الأرض، وأنّ من يهتفون ضده مُجرّد عُملاء ومُرتزقة.. زيّنوا له صرخات البائسين كهتافاتٍ في حُبّه، صوّروا له الحشود المصنوعة والمجبورة على أنها وله حقيقي، ولأنّ كل ديكتاتور يعشق التزلُّف و(التطبيل)، لم يُفكِّر البشير لحظة أنّ هناك من يكرهه، مثلما لم يُفكِّر مُجرّد تفكير أنّ الحادي عشر من أبريل 2019، يُمكن أن يأتي!
لولا رجال ونساء شامخات، كان يُمكن أن نبتئس اليوم من رقص البشير في شَرَفَات القصر الجمهوري مُنتشياً بفوزه في انتخابات 2020، دورة انتخابية جديدة يُلازمنا فيها لغاية 2025، رغم أنف السنن الكونية وأقدار الله في التغيير.
قد لا يُفكِّر البشير في هذا اليوم طويلاً وهو حبيسٌ في كوبر ليأخذ العِبر، إلا بمثل ما فكّر ديكتاتور إيطاليا موسوليني وهو يهرب سراً إلى ميلانو، حيث أنصاره، عشماً في استرداد حكمه ورغبةً في العودة لكرسي خُلق هو من أجله.. هكذا يُفكِّرون.. يُوهمون أنفسهم بأنّ الشعب يحبهم وأن ما حَدَثَ مُؤامرة.
ليست ميزة الحادي عشر من أبريل في كونه كان شاهداً على سُقُوط البشير، وإنما ميزته أنه في هذا اليوم كان يُمكن للبشير أن يحتفل بنصره في الانتخابات من شرفة القصر الجمهوري، لكنه أُدخل سجن كوبر، بينما يحتفل الشعب بذكرى ثورته.. وذكرى انتصاره في ذات التاريخ المُفترض تتويج البشير فيه رئيساً لدورةٍ سادسةٍ كأطول فترة حكم في التاريخ الحديث بعد الملكة اليزابيث.