سودان فيرست – محمد حسيب
عقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة، وجدت حكومة الفترة الانتقالية نفسها أمام جملة من التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولعل الأخيرة أكثرها تأثيراً لارتباطها المباشر بمعاش الناس، وذلك بسبب الدمار الذي خلّفه النظام البائد طوال الثلاثين عاماً الماضية وهو المسؤول الأول عن تردي الأوضاع الاقتصادية بالبلاد من خلال تدميره للمَشاريع الإنتاجية وتفشي الفساد بين مُكوِّناته ممّا أدخل السودان في جملةٍ من الأزمات التي يصعب حلها بين يوم وليلة، وهكذا جاءت مُبادرة القومة للوطن في بدايات أبريل الحالي للمُساهمة في إقالة العثرات التي تعترض سبيل نهضة البلاد وتعميرها.
المبادرة أطلقها رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك في الثاني من أبريل الجاري، وهي عبارة عن مبادرة شعبية للبناء والتعمير تحت اسم “القومة للسودان”، والتي ناشد من خلالها المواطنين بجمع التبرعات لحل الضائقة المعيشية بالبلاد لدعم الحكومة الانتقالية ومكافحة فيروس “كورونا المُستجد” الذي وصفه بالوباء الذي يُدمِّر اقتصادات الدول.
وطالب حمدوك، المواطنين بالتكاتف فيما بينهم لتخطي الأزمة عبر تحويل المبالغ المالية عبر العديد من التطبيقات المصرفية.
ولفت رئيس الوزراء إلى حجم التحديات التي تُواجه الشعب السُّوداني، والتي كان من أبرزها الأزمة الاقتصادية التي جاءت نتاجاً لإرث كالح من الفساد وسُوء الإدارة والتبديد والإهدار لموارد الدولة، فَضْلاً عن آثار عُقُودٍ طويلةٍ من العزلة الاقتصادية عن العالم نتيجة لسياسات النظام المخلوع.
ومن جهته، أثنى تجمُّع المهنيين السودانيين على المُبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، واعتبر التجمُّع أنّ المُبادرة جاءت في إطار تدابير مُتنوِّعة، ناقشتها “قِوى الحُرية والتّغيير” مع الحكومة من أجل استقطاب الدعم الشعبي لتمويل الموازنة العامة، وهي خطوة إلى جانب إسهامها الكبير في دعم الموازنة، تجعل من أمر التعامُل مع تحديات البلاد الاقتصادية وقضايا الأمن القومي شأناً وطنياً وهمّاً نتشارك جميعاً في تدابير تجاوزه، ودعا التجمع الشعب السوداني في الداخل والخارج والأجسام المكونة له والشركاء في “قِوى الحُرية والتّغيير” إلى دعم الحملة والانخراط فيها حتى يتجاوز السودان التحدي الاقتصادي والوباء الماثل.
وقد وجدت المبادرة تفاعلاً كبيراً من قبل السودانيين، الذين تبرعوا من أجل إنجاحها، وجاءت المساهمات من مختلف شرائح الشعب السوداني عمالاً وتجاراً وموظفين وإعلاميين وأطباء ومحامين وغيرهم من أصحاب المهن.
وعقب خطاب رئيس الوزراء، أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي في السودان، وفي عدد من الدول العربية، اسم “القومة للسودان”، الذي كان من أكثر الوسوم انتشاراً في السودان، ومتصدراً قائمة أكثر الوسوم انتشاراً في قطر.
وحصد الوسم أكثر من 40 ألف تغريدة، رحّب من خلالها الشعب السوداني بالحملة، مُطالبين جميع السودانيين في الداخل والخارج بالتبرع من أجل إنقاذ الوطن.
وبالنسبة لمساهمات السودانيين بالمهجر، فقد أكد الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج مكين حامد تيراب، التفاعل الكبير الذي وجدته المبادرة، فضلاً عن تفاعلهم من قبل مع مبادرة الجهاز الخاص بدرء جائحة “كورونا” تدل دلالة واضحة على أن السودان يحتل مكانة مرموقة في قلوبهم، وأنهم على أتمّ الاستعداد للوقوف في أيِّ وقت مع الوطن وتلبية النداء، ولفت تيراب إلى أن مبادرة البناء والتعمير جاءت في وقتها، وأنها ستكون عوناً في توفير المتطلبات الرئيسية في مجالات الصحة والتعليم والزراعة، وغيرها من المجالات الحيوية، وهي بداية لالتحام المُواطن السوداني مع قضاياه الحياتية دعماً للجهود الرسمية، بعد أن كان مُغيّباً طوال 30 عاماً.