سودان فيرست- محمد الأقرع
عاد من جديد إلى الساحة السياسية في السودان جدل استكمال هياكل الحكم وتعيين الولاة وذلك عقب الاتفاق الأخير بين أجنحة السلطة الثالثة “المجلس السيادي ومجلس الوزراء” بالإضافة إلى حاضنتهم السياسية “الحرية والتغيير” في الاتجاه لملء الفراغ واستبدال الحكام العسكريين في الولايات بمدنيين مكلفين، وجاء ذلك ضمن مصفوفة من الإجراءات تنتوي الحكومة تنفيذها خلال الفترة المقبلة.
وبحسب المتابعات، فإن أغلب التجاذبات حول هذا الموضوع بين السياسيين والمتابعين للشأن السوداني تدور حول كيفية النفاذ إلى تعيين الولاة من دون تحقيق السلام في جوبا، علماً بأن تلك الخطوة تم تأجيلها عقب الاتفاق الأولي الذي تم بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح في إطار بناء الثقة ط. كذلك ثمة جدل يدور حول كيفية عملية الترشيح واختيار الولاة.
وكانت الحكومة قد أخطرت الوساطة في جوبا بقرار تعيين ولاة مكلفين كما قام رئيس الوزراء عبدا لله حمدوك بالاتصال مع بعض قادة الحركات لبحث الموضوع وبقية القضايا المتعلقة بالسلام وكيفية تذليل كافة العقبات أمام التوصل لسلام عادل وشامل ودائم في السودان.
ومن جانبها، ترفض الجبهة الثورية خطوة تعيين الولاة وتعتبرها خرقاً لإعلان جوبا، وترى أن قوى الحرية والتغيير في الخرطوم لا ترغب في السلام وتكرر أخطاء الماضي في التهاتف حول الغنائم وإقامة تمكين جديد ـ كما تقول ـ، لكن بالمقابل يرى مراقبون أن الحكومة هذه المرة قد حسمت أمرها في مسألة تعيين الولاة بصورة مؤقتة إلى حين توقيع اتفاق السلام الشامل، وأنها ستتواصل مع الجبهة الثورية لإقناعها بالخطوة.
وفي سياق متصل، تداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، قائمة من الأسماء لمرشحين قالوا إنها لولاة محتملين سيتم تعيينهم من قبل رئيس الوزراء، وضمن القائمة مثل “عبدالله شنقراي أوهاج والياً للبحر الأحمر، و”محمد حسن العربي” والياً لشمال دارفور، بالإضافة إلى “عزالدين جعفر سالم” للشمالية، وإسماعيل وراق للنيل الأبيض.
وبحسب مصادر “سودان فيرست”، فإن القائمة المتداولة حقيقية، لكنها ستخضع مجدداً للتمحيص من قبل المجلس المركزي للحرية والتغيير.
ولعل ظهور هذه الأسماء، فتح الباب واسعاً عن كيفية اختيارهم، والمعايير التي تم الاستناد عليها.. “محمد حمد” مقرر لجنة الترشيحات بالحرية والتغيير كان قد قال في وقت سابق لـ”سودان فيرست”، إن لجنة الترشيحات لقوى الحرية والتغيير التي قامت بترشيح أعضاء المجلس السيادي ورئيس مجلس الوزراء والوزراء ليست هي اللجنة المسؤولة عن ترشيح الولاة، مشيراً إلى تعيين لجنة خاصة لترشيحات الولاة وهي في نهاية الأمر بيد رئيس الوزراء.
وسابقاً، كانت قد أعلنت الحرية والتغيير أنه لن يقوم المركز بالترشيحات، بل سيتم الترشيح من قبل الولايات نفسها، لكن المركز يفحص وهو الذي يختار، وأكدت أن الولايات هي من سترشح ولديها مطلق الحق، وأن أصحاب الشأن هم سكان الولاية المعينة، ولكن ما أن ظهرت القائمة الأخيرة حتى علت الأصوات الرافضة في الولايات قبل المركز نفسه، حيث كتب يوم الجمعة القيادي بقوى الحرية والتغيير في صفحته على موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”، محذراً من “خرطمة” تعيين الولاة، أي احتكارها وتوزيعها من الخرطوم دون مشاورة أهل الشأن وسكان الولايات.
ويقول الناشط والكاتب السوداني حسان الناصر، إن على الحرية والتغيير أن تعي بأن أي تجاوز لمسألة السلام هو تجاوز فعلي للإرادة التي اختارتها قواعد الثورة الحية التي قدمت وما زالت تقدم دون كلل أو ملل، ويضيف: “إن فتح ملف تعيين الولاة من غير تحديد شروط ومعايير اختيار أي والٍ من قبل مواطني الولايات هو خرق واضح لروح الثورة، وتجاوز لن تتحمل قوى إعلان الحرية و التغيير عقباه، لذلك يمكن بأن نقول إن المسار البديل و الفعلي هو (اعادة هيكلة المحليات والوحدات الإدارية) التي تقدم الخدمة بصورة مباشرة للمواطن بحيث تجعل أمر الاختيار يقف على هذه العملية (الشروط والمعايير)” .
ويرى أن تحريك ملف الولاة المدنيين في هذا التوقيت الحرج يشتت مجهودات هؤلاء الشباب الذين بقيت أعينهم منذ فجر الحادي عشر من ديسمبر يقظة على مسار الثورة، لذلك على قوى إعلان الحرية والتغيير التفكير جيداً في اتخاذ خطوات واضحة ومعقولة تجعل الجميع على هم واحد.
أما القيادي بقوى الحرية والتغيير وعضو المكتب السياسي لحركة حق مجدي عبد القيوم قال لـ”سودان فيرست”: “في تقديري أن عملية اختيار الولاة شابتها نواقص تتصل بتوازن القوى في المجلس المركزي، وتبعاً أتى الاختيار في أغلب الأحوال متجاوزاً لمعايير الكفاءة والأهلية”، وأضاف: إن رئيس الوزراء لن يقبل هذه القائمة وربما بحث عن خيارات أخرى.
وعن الالتزام الزمني الذي حدده المصفوفة وأعلنت عنه الحكومة موعداً لتعيين الولاة، يقول “مجدي”: “المصفوفة نفسها إذا رجعت للتواريخ المثبتة عليها ستجد أنها عموماً تم الإعلان عنها بعد مرور ما لا يقل عن اسبوعين من أول تاريخ مدون عليها. وأشار إلى أنهم في الحرية والتغيير سيتواصلون مباشرة مع الجبهة الثورية لبحث اتفاق حول كافة القضايا أو على الأقل الوقوف في أرضية مشتركة.