تقرير- صباح المصباح
رغم النجاح الكبير الذي حققته لجنة إزالة التمكين في تفكيك المؤسسات التي طالتها شبهات الفساد، بجانب إيقاف نشاط عدد من الشركات الخاصة التي يمتلكها أفراد النظام السابق وغيرها، الا ان اللجنة لم تخطُ خطوة واحدة تجاه الوسط الرياضي ولم توقف نشاط أي من أفراده أو اتحاداته، الأمر الذي ترك أكثر من علامة استفهام على لجنة التمكين.
وربما ترى اللجنة أن إزالة التمكين في الشركات ومؤسسات الدولة أهم من الوسط الرياضي في الوقت الحالي، سيما وأن السودان يواجه تحديات عديدة على كافة الأصعدة.
التلويح بعصا “فيفا”.
ظل الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، يعتبر أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية خطا أحمر ولا يجامل فيها، وربما تزداد الأوضاع صعوبة بالنسبة للجنة التمكين لكون السودان لديه سوابق كثيرة من قبل، وكادت أزمة انتخابات الاتحاد السوداني لكرة القدم في العام 2017 أن تؤدي إلى تجميد النشاط الكروي في السودان، الأمر الذي يراه مراقبون مقيداً لعمل لجنة التفكيك داخل الوسط الرياضي. وتفجرت أزمة 2017 بسبب صراع مجموعتي الإصلاح والنهضة بقيادة الفريق عبد الرحمن سر الختم، والتطوير بقيادة الدكتور معتصم جعفر، إثر مساندة الحزب الحاكم آنذاك للفريق سر الختم، وبناءً على مخاطبة مجموعة معتصم جعفر وأسامة عطا المنان للاتحاد الدولي، أرسل “فيفا” خطابا شديد اللجهة للحكومة السودانية، ومنحتها فرصة لتعديل الأوضاع، كما هدد بتجميد النشاط الرياضي أسوة بالكويت.
وإستشعرت حكومة البشير خطورة الموقف، وعقد نائب رئيس الجمهوية، بكري حسن صالح اجتماعا في القصر الجمهوري ضم ثنائي الأطراف المتنازعة على رئاسة الاتحاد، وأجبر بكري الثنائي على الاتفاق لقيادة الاتحاد العام لفترة قادمة بتكوين لجنة من المجموعتين، وبالفعل تمت مخاطبة “فيفا” بذلك، ومن ثم سمح “فيفا” للأندية السودانية والمنتخبات بمواصلة نشاطها في البطولات الأفريقية المختلفة.
ورغم أن “فيفا” يرفض رفضا باتا دخول طرف ثالث (الحكومة) في شأن أنديته، الا أنه ضد الفساد وينشدد فيه، وإستبعد من قبل عددا من أعضائه البارزين بسبب الفساد وتلقي الرشاوى، لكن مراقبون يرون ان “فيفا” لن يقف حجر عثرة ضد لجنة التمكين إذا أثبتت أن هنالك فسادا في أي جهة رياضية.
الانتخابات أولى مراحل عمل اللجنة
المتابع للوسط الرياضي، يدرك تماماً أن انتخابات الاتحادات، بجانب الأندية بمختلف درجاتها بها فساد يتعلق بشراء الأصوات وخلافه.
ويمكن للجنة بحسب مراقبين، أن تبدأ التحقيق في هذا الملف الخطير، سيما وأن عددا من الشهود أحياء ويمكن أن يمدوها بالكثير من التفاصيل المدهشة، حيث وصل الصوت الواحد في انتخابات الاتحاد العام لأرقام فلكية.
ولعل الوضع لا يختلف كثيراً في الأندية، والتي أصبحت تحشد طلاب الخلاوي وتستغل أصحاب (الحاجة)، للتصويت لها مقابل أموال، كما أن العضوية المستجلبة عرفت طريقها للوسط الرياضي ابان النظام البائد، وأصبحت أمانة الشباب والرياضة بالمؤتمر الوطني تتحكم فيمن يحكم، ولن تفوز في أي انتخابات ما لم تكن من المرضيين عنهم من قبل نظام البشير إن لم تكن تمتلك عضويته، ويرى متابعون للوسط الرياضة ان المكتوين من جمر هذه الأساليب كثيرون ويمكن للجنة أن تستعين بهم لكشف كل هذه الأساليب القذرة.
المدينة الرياضية والأراضي المنهوبة.
دشنت وزيرة الشباب والرياضة، ولاء البوشي عملها بزيارة ميدانية بصحبة الحكم المونديالي وليد محمد أحمد للمدينة الرياضية للوقوف على العمل بها وحجم مساحتها الحالية قبل استلامها رسمياً من رئاسة الجمهورية التي كانت تتبع لها ابان النظام السابق.
وفتحت الوزيرة عدة بلاغات لدى النيابة بسبب التعدي على أراضي المدينة، كما كشفت حجم الفساد بها في مؤتمر صحفي.
وبخلاف المدينة الرياضية، فهناك مؤسسات رياضية أخرى تنتظر التحقيق في أراضيها المسلوبة وعلى رأسها أرض نادي الهلال والتي ما زالت محلك سر وقضية صراع بين إعلام الكاردينال والبرير، بعد اتهام الأول للأخير بالاستفادة من هذه الأرض وتحويلها لمصلحته الشخصية وبناء منتجع البرير الحالي عليها، بينما لزم البرير الصمت تجاه هذه الحملة وتبرع إعلام الرجل بالرد بدلاً منه.
المريخ لا يبدو بعيداً من عمل لجنة التمكين، فهناك عدة ملفات تحتاج للتحقيق فيها، وعلى رأسها أموال ملف عقد الاستثمار، بجانب أموال ولاية الخرطوم والتي خصصها الوالي السابق عبد الرحيم محمد حسين لدعم مجلس محمد الشيخ مدني.. كل هذه الملفات تحتاج لتحقيق عاجل بشأنها وفقاً لمراقبين.
بطولة الشأن
كثر الحديث عن ملف بطولة الشأن التي استضافها السودان في العام 2011، ومنذ ذلك التاريخ ظل الإعلام يكتب وبصورة متكررة عن الفساد الذي لازم تنظيم هذه البطولة، ولكن الحكومة لم تحرك ساكناً، وألمحت وزيرة الشباب والرياضة مؤخراً إلى نيتها فتح الملف.
اللجنة ستبدأ عملها بتطهير الأندية من أصحاب السوابق.
أكد رئيس لجنة قانون الشباب والرياضة الجديد مولانا كمال الأمين أن إزالة التمكين في الوسط الرياضي سيمضي بعيداً في الفترة القادمة، شأنه شأن أي مصلحة أو جهة عانت من ممارسات أمانة الرياضة بالمؤتمر الوطني المباد، وأشار إلى انه ونسبة لخصوصية بعض الهيئات الرياضية التي لها مرجعيات دولية، اشترطت أنظمتها الأساسية أن تتم المراجعة عبر مراجع داخلي يعين من قبل الهيئة الرياضية ولا تملك الدولة التدخل إلا عبر نافذة الشفافية والفساد رغم علمها أن جزءا كبيرا من تلك الهيئات مازال يسيطر عليه فلول النظام السابق.
وكشف مولانا كمال الأمين، عن خطوات جادة تقودها وزارة الشباب والرياضة الاتحادية، منها إجازة القانون الجديد في القريب العاجل وهو قانون قومي يحكم الرياضة في كل السودان، ويعني عملياً الغاء كافة القوانين الولائية، مشيراً إلى ان الثورة الحقيقية على أوكار الفساد ستبدأ بتطهير الاندية من أصحاب السوابق، وهي مسيرة لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها كاملة، ولن تستطيع (الجلبة) وأصحاب الظواهر الصوتية إيقاف مسيرة إزالة التمكين. قريباً يرى مراقبون ومهتمون بالشأن الرياضي، أن الوسط الرياضي يعج بالفساد، وان لجنة إزالة التمكين لن تجد صعوبة في نبش أوكار الفساد، وشددوا على أن قوانين “فيفا” لن تقف حجرة عثرة أمام اللجنة ولن تبطئ عملها، لجهة ان “فيفا” نفسه كشف عن فساد داخله وأطاح بقيادات كبيرة.