تقرير ـــ محمد حسيب
منذ تفجرها في ديسمبر من العام 2018م، والثورة السودانية تجابه الكثير من الأعداء الذين لا يريدون لها حتى بعد أن نجحت في إسقاط نظام المؤتمر الوطني، أن تمضي إلى الأمام، ولقد استمرت تلك المحاولات واشتدت عقب تشكيل حكومة الفترة الانتقالية، فبقايا النظام البائد يبذلون أقصى ما في وسعهم لتعطيل مسيرتها، تحركهم في ذلك الغبائن والبكاء على المكاسب التي استولوا عليها من حر مال الشعب السوداني، الذي ذاق الأمرين طوال فترة الثلاثين عاماً التي حكموا فيها البلاد.
وقال القيادي اليساري الشفيع خضر في مقال صحفي اليوم الثلاثاء، إن الخطورة على الثورة تعدت مرحلة الكمون إلى مرحلة الهجوم، وأكد أن الوضع المعقد لمسار الثورة يتطلب تكاتف وتآلف وتوحد الجميع أكثر من أي وقت آخر بدلاً من حملات التراشق والتشكيك والتخوين، وقال إن الخائن الحقيقي هو من لا يأبه لهذا الوضع المعقد للثورة.
وحذر القيادي اليساري الشفيع خضر من فخاخ منصوبة لزرع الفتنة بين مكونات قيادات الفترة الانتقالية تحالف قوى الحرية والتغيير والمؤسسة العسكرية والحكومة المدنية، وذلك بهدف تفجير الثورة من داخلها ثم الانقضاض عليها.
و يشير مراقبون إلى الحرب الكبيرة التي تقودها عناصر الإعلام الموالية للنظام البائد وحملات التحريض التي ما انفكت تبثها عبر صحفها للوقيعة بين مكونات حكومة الفترة الانتقالية، والهجوم الكبير على مسؤوليها المدنيين ومحاولة دمغهم بالفاشلين، والترصد غير المسبوق لكل ما تقوم به الحكومة والنقد الهدام الذي يستهدف إضعاف الحكومة.
وفي يناير الماضي، قررت حكومة الفترة الانتقالية استلام مقار حزب المؤتمر الوطني، والحجز على عدة مؤسسات إعلامية وصحف وقنوات، محسوبة على النظام السابق. وقررت حل جميع نقابات واتحادات العمال والموظفين ومصادرة مقرات وممتلكات حزب البشير.
وكانت حكومة الفترة الانتقالية، قد أصدرت في ديسمبر الماضي قانون حظر وتفكيك نظام المؤتمر الوطني. فكان توسع عمل لجنة تفكيك التمكين واستمرار ملاحقتها لرموز النظام البائد، الذين تعدوا على المال العام عبر الفساد والمحسوبية، مستغلين مناصبهم إبان فترة حكمهم، فظهر الفساد خاصة في قطاع الأراضي والعقارات، حينما تم الكشف عن أرقام ضخمة من قطع الأراضي المملوكة لنافذين بالنظام السابق دون وجه حق، وبالتالي داهم إحساس بالخطر تلك الرموز، فباتت تخطط لإيقاف ذلك المد الذي يلاحقها.
وكانت تقارير صحفية قد أكدت وجود أيادٍ معادية للثورة تعمل على تفاقم الأزمات بالبلاد وتعطيل العمل بمؤسسات الدولة التي ما زالت بقايا النظام السابق تقبع بأضابيرها وتمارس شتى أنواع التخريب وتعطيل العمل العام بتلك المؤسسات.
ولعل من أكثر الخطوات التي بينت مدى العداء الذي يكنه أعداء الثورة لمسيرتها، محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في مارس الماضي، حينما نجا من محاولة اغتيال بتفجير استهدف موكبه في منطقة كوبر بالعاصمة الخرطوم.
وفي بيان متلفز لمجلس الوزراء الانتقالي، قال وزير الإعلام، المتحدث باسم الحكومة فيصل محمد صالح، وقتئذ، إن موكب حمدوك تعرض لتفجير عن بُعد وإطلاق نار بمنطقة كوبر، مؤكداً أنه سيتم التعامل بالحسم اللازم مع كل العمليات التخريبية والإرهابية، والمُضي قدماً في تنفيذ مهام الثورة وتفكيك ركائز النظام القديم.
ويقول أستاذ العلوم السياسية د. محمد شقيلة، إن مسألة التربص بثورة ديسمبر أمر معروف، فكل ثورة لها أعداء والثوار يعرفون ذلك، وبالتالي نجاح الثورة أو تقويضها عبر ثورة مضادة يتوقف على الثوار أنفسهم وذلك بتجنب الخلافات التي يمكن أن تحدث بينهم.
وأبان شقيلة في حديثه لـ(سودان فيرست)، أن أضلاع الثورة يعون المآزق الذي يحيط بالبلاد، مشيراً إلى أن الأولوية بالنسبة للبلاد الآن ليس من يحكم، ولكن الأولوية هي العودة بالسودان لمنصة التأسيس والبناء، وحل معضلاته التاريخية وفي مقدمتها إحلال السلام المستدام ومعالجة تشوهات اقتصاده، ومن ثم كان قدوم حكومة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك والتي أتت لمعالجة مشكلات البلاد وليس لاقتسام السلطة أو الصراع حولها.