تقرير ـــ الطيب إبراهيم
بقراءة مُبسطة للغاية، يمكن استشعار خطورة تصريحات رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، التي كشف فيها، عن سعي حزب المؤتمر الوطني للتغلغل في القوات المسلحة.. والخطورة تكمن هنا، في أن الرجل الأول بالسودان والقائد الأعلى للجيش، لا يتحدث عن احتمالات أو ظنون، وإنما وضع يده بالفعل على معلومات وتفاصيل بشأن تحركات المؤتمر الوطني داخل القوات المسلحة. وإنّ هذه التحركات التي بالضرورة مرصودة للقيادة العليا للجيش، ستكون وفقاً لمراقبين بمثابة انتهاء شهر عسل المؤتمر الوطني وسيتبعها بالضرورة فعل وقرارات قد تطال عسكريين ومدنيين من الحزب المحلول. الكشف عن هذه التحركات من حزب المؤتمر الوطني، تشير إلى أن الحزب الذي أعلن بإصرار غريب، توبته من الانقلابات العسكرية، ربما يريد تهدئة الملعب وإبعاد الشبهة عن أي تحركات في هذا الجانب. صحيح أن القيادة العليا، اعتقلت في وقت سابق رئيس هيئة الأركان، هاشم عبد المطلب، عقب إحباطها محاولة انقلاب كان يخطط لها، لكن تصريحات البرهان بحسب مراقبين لم تكن تشير إلى الماضي، بقدر ما أنه سعى لكشف الأوراق جميعها، وأعلن عن سعي المؤتمر الوطني للتغلغل داخل المنظومة العسكرية، في محاولة لتسوية الملعب مستقبلاً.. الخطوة هذه يراها مراقبون كافية لإنهاء وجود المؤتمر الوطني كجسم شرعي، لأن الاقتراب من القوات المسلحة وجرِّها نحو (الأدلجة) يعني إحداث شق داخل المنظومة الأمنية، وهو جريمة بحسب مراقبين تعادل إذا لم تكن أكبر من جريمة الحرابة.. وهنا يُشير مراقبون إلى ما قام به إخوان مصر، عندما حاولوا اغتيال جمال عبد الناصر في حادثة المنصة الشهيرة، والتي انتهت بحزبهم إلى الفناء، الذي ظلّ قابعاً فيه لسنواتٍ، قبل أن ينفض عنه أنور السادات الغبار في آخر أيامه، وتلك قصة أخرى. مراقبون يتوقّعون أن يقوم رئيس مجلس السيادة بإزاحة جميع العناصر العسكرية المتورطة، أو تلك التي تُبدي تعاطفاً مع حزب المؤتمر الوطني، لجهة أن القيادة الحالية للجيش غير مؤدلجة، وتسعى لتأسيس جيش قومي، ولاؤه الأول والأخير للسودان وليس لحزب سياسي أو جهة أيديولوجية. تصريحات البرهان، تدعم لحدٍّ ما، تصريحات حزب المؤتمر الشعبي، التي أكد فيها أن زعيمه علي الحاج رفض مقترحاً من قيادات المؤتمر الوطني داخل سجن كوبر بالمشاركة في انقلاب عسكري، ورغم أن تصريحات القيادي بالشعبي أبو بكر عبد الرازق لم تجد أدنى اهتمام وقتها، غير أن تلميحات رئيس مجلس السيادة اليوم، توضح أن حزب المؤتمر الوطني يُخطط لأمر ما، ذلك لأن محاولة التغلغل داخل المؤسسة العسكرية لا تُقرأ بكل الأحوال بحسن نية، خصوصاً من حزب فَقدَ السلطة عبر ثورة شعبية، ما يعني أنه لم يتبق له سوى الاتكال على المؤسسة العسكرية من جديد للعودة الى السلطة، ومن هذه الزاوية تحديداً يرى مراقبون أن تصريحات مجلس السيادة اليوم سيتبعها فعل بكل تأكيد، تجاه حزب المؤتمر الوطني، قد تصل في أبسط صورها لحظره من الممارسة السياسية.