سودان فيرست- الطيب إبراهيم
أعلنت وزارة الصحة بولاية البحر الأحمر، يوم الأحد، ظهور حالة مؤكدة لـ(كورونا) لأحد العاملين في مطاحن الدقيق ببورتسودان، ولغاية هنا يبدو الأمر طبيعياً، لكن المثير في بيان الصحة ببورتسودان، هي أنها ذكرت أن المريض خالط الحالة الأولى المشتبه إصابتها بفيروس (كورونا) والتي نقلت العدوى من الخرطوم.. وربما للمرة الأولى في العرف الصحي، أن يقوم شخص لم يثبت عليه المرض بنقل المرض لشخص آخر عن طريق المخالطة. يقول الحالة الأولى المشتبه إصابتها بـ(كورونا) وهو مهندس لـ(سودان فيرست)، إنه غادر الخرطوم يوم 13 أبريل الماضي عن طريق شاحنة ووصل بورتسودان ظهر الثلاثاء 14 أبريل، وظل مقيماً في المنزل لمدة أسبوع كامل كإجراء احترازي قام به من تلقاء نفسه، لكونه جاء من منطقة موبوءة بالفيروس (الخرطوم)، وأشار المهندس إلى انه لم يشعر بأي أعراض، لا أعراض (كورونا) ولا أي أعراض أخرى، وبعد نحو أسبوع من الحجر المنزلي الطوعي ذهب إلى العمل، وهناك التقى بزميله، (الحالة الأولى المؤكدة).. وبعد ثلاثة لقاءات بينهما، أخبره زميله بأنه يعاني من ضيق في التنفس وقرّر الذهاب للفحص، بينما المهندس لا يزال مواصلاً في عمله.. رئيس المهندس في العمل منحه إجازة لمدة أسبوع، يقول: (قررت الذهاب لإجراء فحوصات وأخبرت الطبيب أنني لا أعاني من أي أعراض)، ذهب المهندس وزميله (الحالة الأولى المؤكدة) لإجراء الفحص، ومساء الأربعاء الماضي ظهرت نتيجتهما سلبية (لا كورونا)، لكن الأطباء قالوا إن جهاز الفحص جديد، وقاموا بإرسال العينات للفحص في الخرطوم،
ووصلت نتيجة العينات يوم السبت الماضي، وكانت نتيجة المهندس للمرة الثانية سلبية، بينما نتيجة زميله إيجابية، وهي الحالة الأولى المؤكدة والتي تم الإعلان عنها يوم أمس الأحد.. وضعت وزارة الصحة، المصاب في الحجر الصحي، وهو مكان معفر، وغير مهيأ، كان مقراً للإمدادات الطبية، وعند وصول الحالة الأولى للمكان، كان لا يزال ممتلئاً بمعدات الإمدادات، حيث لا يوجد تكييف أو تهوية وهو أشبه بسجن لعُتاة المجرمين.
وبالنسبة للمهندس، فإنّ الوزارة وجهته بأن يحجر نفسه داخل منزله، بينما الرجل لا يعاني من أيِّ أعراض. بالعودة للحالة المؤكدة، يقول المهندس، إن وزارة الصحة وضعت المصاب في ذلك المكان، حيث لم يزره طبيب مرة أخرى، ولم يتحصّل على فيتامينات ولا مضادات ولا حتى مجرد اهتمام من الوزارة، مُشيراً إلى أن زميله لم ينم منذ ليليتين بسبب ضيق في التنفس، وبعد يومين لم يجد أحداً يهتم به سوى زميله، مبيناً أنهم كانوا يمدونه بالطعام والأدوية في غياب كامل للوزارة. وزارة الصحة بالبحر الأحمر، ولإصرارها، أصدرت بياناً يوم أمس الأحد، قالت فيه إن الحالة المصابة خالطت حالة مُشتبه فيها جاءت من الخرطوم، ولأن المسألة علمياً تبدو غير منطقية، استدعت الوزارة، المهندس مرةً أخرى وأخذت منه عينات للمرة الثالثة لإعادة فحصها بالخرطوم للمرة الثانية، يقول المهندس لـ(سودان فيرست)، إنه متخوف من تحركات الوزارة المريبة في أن تقوم بتعديل نتيجة الفحص لإثبات أن المصاب نقل العدوى بالمخالطة من “مهندس” زميله قدم من الخرطوم، ويؤكد المهندس، أنه خالط أقاربه بالخرطوم وأهل بيته ببورتسودان لمدة أكبر من مخالطته زميله المصاب، ولم تظهر أي أعراض على أهل بيته سواء هنا في بورتسودان أو هناك في الخرطوم، كما لم تظهر عليه هو نفسه أعراض.. يشير المهندس إلى أنّ وزارة الصحة بالبحر الأحمر لا تريد الاعتراف بأن المصاب ربما يكون التقط العدوى من الولاية نفسها، وتريد إبعاد الأمر وتصويره على أنه التقط العدوى من وافد من الخرطوم، أجروا هم أنفسهم فحوصات مرتين له وظهرت النتيجة سلبية. بحلول مساء غد الثلاثاء، ستظهر نتيجة فحص المهندس للمرة الثالثة، وحال كانت النتيجة سلبية، فإن وزارة الصحة بالبحر الأحمر، ستكون ابتكرت أعظم اختراع في الحقل الصحي، حيث أثبتت أن الشخص السليم يمكنه نقل عدوى ليست مصاباً بها لشخص آخر، أو أن يكون الخيار الآخر، أن تتراجع عن بيانها وتؤكد أن المصاب التقط العدوى داخلياً، حيث إن المصاب لم يغادر بورتسودان منذ شهور، كما لم يخالط أي وافدٍ من الخارج سوى المهندس.. وبخلاف هذين المسارين، فإن المهندس يتخوف أن تتلاعب وزارة الصحة في نتيجة فحصه وتعلنها إيجابية، أولاً لتأكيد مصداقيتها، وثانياً لبث الطمأنينة للمواطنين بالولاية، وهي طمأنينة كذوبة بحسب المهندس، لأن المصاب نفسه خالط المهندس كما خالط غيره، ما ينتفي معه فكرة أن العدوى لا تزال في الخارج.