حوار- صباح المصباح
الرشيد بدوي عبيد اسم غني عن التعريف، (سودان فيرست) استنطقته في حوار شامل فإلى إفاداته:
* رمضان كريم عليك وتصوم وتفطر على خير؟
ــ الله أكرم ودعواتنا وأمنياتنا ربنا يزيل هذا الوباء.
* ألا تجد صعوبة في التعليق في رمضان خاصة وأنه يحتاج لطاقة؟
ــ علقت على الكثير من مباريات المنتخب والهلال والمريخ في رمضان، لا سيما المشاركات الأفريقية، وفي كثير من المباريات بكون صائم وأعلق علي مباراة لأنديتنا خارجياً، وأيضا كنت بعلق على مباريات الدوري الممتاز واتحاد الخرطوم كسهرة كروية.
* إذن ما هي أجمل مباراة لك في رمضان؟
ــ الهلال وفيلا بدولة يوغندا والمريخ وفريق إثيوبي وأيضاً مباريات المنتخب وأجد متعة في التعليق وأنا صائم.
* لديك العديد من المفردات التي اشتهرت بها في التعليق مثل كرة أرضية زاحفة وصاروخ ارض جو وهو والقوون، ما هي فلسفتك في استخدام هذه الجمل تحديداً؟
ــ كل معلق لا بد أن يكون لديه أسلوبه وفلسفته، واللغة العربية بحر واسع لابد أن تطوعها في تعليقك على المباريات مع مراعاة ذوق المستمع وتجذبه من خلال استخدام المحسنات، أما هو والقوون تعبر عن حالة انفرادية كاملة، وكانت خاصة بي، وجزء من الأدوات التي استعملها ولعلمك أنا من اخترت لصحيفة قوون هذا الإسم ولديّ عمود صحفي بها اسمه (هو والقوون)، وأيضاً عملت برنامجا اخترت له هذا الاسم أيضاً وكان بفضائيتي قوون والهلال، وكانت لديّ بقالة بهذا الإسم وكذلك مطعم.
* كيف استطعت جذب المستمعين وإقناعهم لمتابعتك، في وقت كان كل السودان يجلس أمام الراديو لسماع صوت الرشيد؟
ــ التعليق موهبة، لكن بقاء المعلق وجذبه للمستمعين يعتمد على فن إقناعه، وأذكر أن أستاذ لطيف قال لنا في إحدى الدورات التدريبية، المعلق الإذاعي إذا ما قادر يقنع أعمى يجلس أمام المذياع يستمع وهو لا يرى، ليس بمعلق، ومنذ ذلك الوقت وأنا أضع حديثه هذا حلقة في أذني وأنقل كل كبيرة وصغيرة في الملعب، وكثير من المكفوفين هم أصدقاء الرشيد بدوي عبيد وربنا سبحانه وتعالى اذا أحب عبداً حبب خلقه فيه وأقنعهم به.
* تعتبر أول معلق سوداني يتم اختياره لكأس العالم.. حدثنا عن هذه الجزئية؟
ــ كان ذلك في العام 1994بأمريكا، حيث تم اختيارنا ثمانية معلقين من إذاعات الدول العربية، وكان برفقتي أيمن جاد ويوسف سيف وغيرهما، وتم توزيعي بمدينة أورلاندو كانت عبارة عن منطقة خليجية تقع بجنوب المكسيك، ومن حسن حظي ان المناخ فيها يشابه السودان الى حد بعيد، وتم تحويلي من معلق إذاعي إلى تلفزيوني، وكنت حريصا على تقديم مدرستنا ولغتنا، وما كان في شوالي في ذات الوقت، والآن الشوالي بقول لي يا أستاذ لأننا سبقناه في هذا المجال، عموماً هذه التجربة كانت نقلة كبيرة في مسيرة الرشيد.
* ألم تتخوف من هذه التجربة الكبيرة، لا سيما وانك في ذلك الوقت كنت صغيراً؟
ــ صراحة كان امتحاناً رهيباً، لكن الخوف أحياناً يقودك إلى تحقيق النجاح، وواجهتني عدة عقبات أولها كان كل العمل يتم عبر الكمبيوتر وهذه التقنية لم تكن متوفرة في السودان، وذهبت لمصر وبقيت فيها لمدة أسبوعين حتى أكوّن فكرة عن الكمبيوتر، وأيضاً غادرت لأمريكا قبل فترة كافية واجتهدت حتي تعلمت كيفية التعامل مع الكمبيوتر، وفي رأيي أن اختياري للتعليق على مباريات كأس العالم شرف لكل المعلقين السودانيين، وأنا وصلت في زمن ما كان في فريق سوداني وصل كأس العالم، وجاء بعدي الحكام، وعبركم أحيي سوار الدهب الذي وصل أيضاً.
* لماذا لم يتم اختيارك للعمل في قنوات الجزيرة الرياضية كمعلق للمباريات؟
ــ الحظ يلعب دوراً كبيراً في بعض الأحيان، وأنا لما وصلت كأس العالم قنوات الجزيرة لم تكن موجودة، وكانت هناك إذاعات الدول العربية فقط وكان بها وجه سوداني مشرق الباشمهندس عبد الرحيم سليمان رئيس إذاعات اتحاد الدول العربية وكان له دور كبير في اختياري، وعملت كمحلل للدوري السوداني بقناة الجزيرة ومن ثم تم اختياري مسؤولاً عن مكتب الجزيرة بالسودان وبدأت عملي بحلقة مع مجدي شمس الدين وأحمد بابكر ومازدا ولكن لم أواصل لظروف خاصة بي وتسلم بعدي الراية الزميل سامر العمرابي.
* إلى أي مدى استفدت من عملك كمدرب في التعليق؟
ــ أنا في الأصل كنت لاعب كرة وبعد دخولي للتعليق تخليت عنها، وعملت أيضاً بالتدريب ودربت الأحرار ما يقارب الـ(25) سنة، وأيضاً الرابطة والمهدية وكثيراً من الأندية، وقصدت الدخول لعالم التدريب حتى أربط بينه والتعليق والتحليل وحائز على أعلى شهادة في التدريب وهي الرخصة “A”، وأيضاً دخلت في التحكيم وأخذت دورات عنه حتى استطيع الإفتاء في الحالات التحكيمية ومعرفة قوانينهم، وباختصار المعلق لابد أن يكون كمبيوتر يعرف كل شئ.
* قصة إيقافك الشهيرة من الإذاعة القومية؟
ــ لم يوقفني أحد وكل ما في الأمر كنت أعلق في مباراة دولية للمريخ، والإذاعة الداخلية بالإستاد أعلنت عن وفاة البروفيسور عبد الله الطيب والحكام وقفوا دقيقة حداداً على روحه وأنا على الفور أمسكت بالمايك ونعيته وعدّدت مآثره وهو كان رجلاً قامة، وجاءني زميلنا عبد الرحمن عبد الرسول وقال لي قدم زميلك يوسف لأن مدير الإذاعة معتصم فضل، على خط الهاتف، وتحدث معتصم معي وقال لي (يا كارثة الخبر دا جبتو من وين؟)، وقال لي نحنا اتصلنا بسفير السودان في لندن والرجل حي يرزق وامشي يا كارثة وضِّح هذا الأمر، ومُنعت من إكمال المباراة ومن ثم تم إيقافي لمدة ثلاثة أشهر وتم تقليصها لشهرين وقالوا لي ما ممكن تطلع الإذاعة القومية كذابة وتتحمّل المسؤولية أنت، أما في مباراة المنتخب مع يوغندا التي تم إيقافي فيها وكان ذلك بسبب شخص كان خارج الشبكة ورغم أن السفير برّأني، ولكن للأسف تم إيقافي قبل أن يتم رفعه لاحقاً وأنا مثل الذهب كل ما طرق عليه ازداد لمعاناً.
* بماذا شعرت لحظة إحالتك للصالح العالم؟
ــ شعرت بألم كبير وبعد خدمة السودان طوال هذه الفترة تجد نفسك برفقة ألف موظف في الصالح العام وبدون أي سبب، وكل القسم الرياضي تمت إحالته للصالح كانت بمثابة الصدمة وكرهتني التعليق ووقفت على الفور، وما أحزنني حقاً بأنني عندما ذهبت لأمريكا للتعليق على كأس العالم، خالي كان مُصرّاً على بقائي معه هناك وعدم العودة للسودان، وقلت له لن أهرب انا ودعني الرئيس، لذلك لن أخذل السودان وسأعود.
* ما هو رأيك في تقليد عدد من المعلقين الشباب للشوالي ورؤوف خليف؟
ــ أنا ضد هذه الفكرة وعملت لي مشاكل مع الكثير منهم، وكنت بقول ليهم ما تقلدوا زول، افرضوا شخصيتكم لأن تقليد الآخرين لن يجعل منك معلقاً مشهوراً وستكون معلق مهرجانات فقط، والبعض منهم افتكر بأنني أحاربه.
* إذن ما هي مواصفات المعلق الجيد؟
ــ أدوات المهنة التي يجب توفرها في أي معلق هي الصوت والحضور والعدالة والنزاهة والحيادية والثقافة، وممنوع إظهار لونيتك، وانا للآن الناس ما عارفة الرشيد دا (هلالابي واللا مريخابي).
* ما هي نصائحك لهم؟
ــ هم ما بسمعوا التوجيهات، ولا ألومهم حقيقة، ألوم الذين منحوهم فرصة الجلوس أمام المايكروفون بدون تأهيل، وللأمانة البعض منهم يُرجى منه وهذا زمنهم، فقط عليهم بالتأهيل وتكثيف الدورات التدريبية، وأنا عندما كنت في عمرهم أخذت دورات تدريبية بتونس والسعودية ومصر، ووصيتي لهم ما تفتكروا أنفسكم وصلتوا ولا تفسدوا جمال كرة القدم بعدم المعرفة، ولابد أن تعرفوا الفرق بين التعليق الإذاعي والتعليق عبر التلفاز والمشاهد ينتظر منك إعطاءه معلومة جديدة وليس وصف ما يشاهده أمامه.
* بتشوف نفسك في منو منهم؟
ــ فنان أفريقيا الأول محمد وردي ما بتكرر وكذلك أم كلثوم هذه أسماء خالدة لن يستطيع أحد احتلال مكانهما، احترم جداً طموحاتهم وأقول لهم شدُّوا حيلكم.