تقرير- عبد الرؤوف عوض
لم تساهم صادرات السودان من الثروة الحيوانية طيلة الفترات السابقة، في تعديل ميزان المدفوعات رغم امتلاك السودان لثروة هائلة من قطيع الحيوانات بسبب إشكالات عديدة، منها عدم توفر البنى التحتية من محاجر ومسالخ، إلى جانب شكاوى المصدرين من الإجراءات المُعقّدة عند التصدير وفرض رسوم ولائية كبيرة عند مرور الصادر من مناطق الإنتاج حتى مناطق التصدير وغيرها من الإشكالات التي حالت دون مساهمة صادرات الثروة الحيوانية في أحسن الحالات لأكثر من مليار دولار.
وشهدت البلاد أمس، نقلة جديدة في صادرات البلاد بالتحوُّل إلى صادر اللحوم المذبوحة بدلاً من تصديرها حيةً، حيث استقبلت السوق السعودية لأول مرة، شحنة قُدِّرت بحوالي (20) طناً من لحوم الأبقار، واعتبرت خطوة في الاتجاه الصحيح عقب توافقها مع المعايير والاشتراطات الصحية للمملكة العربية السعودية، بعد اعتماد هيئة الغذاء والدواء السعودية لثلاث مسالخ نموذجية.
نقلة جديدة
ووصف عدد من المصدرين والعاملين في هذا القطاع، الخطوة بالمهمة لجهة تحويل طريقة الصادر، مُعربين عن أملهم في أن تكون هذه الشحنة إلى المملكة وما يليها بداية حقيقية في التحول إلى (تصدير المذبوح)، مُعدِّدين فوائد ذلك في تقليل المخاطر من إرجاع الصادر ومخاطر النفوق والتنقل وغيرها من العقبات التي تُواجه صادر الماشية الحيّة. وقال مُصدِّرون، إن عمليات الصادر تمر بمراحل عديدة، وإن الشحنات الحيّة تتعرّض لمشكلات عدة، مُشيرين إلى أن هذا التحوُّل سيحدث نقلة كبيرة في صادرات البلاد من اللحوم، كما أن الصادر المذبوح له فوائد تتمثل في الاستفادة من الذبيح.
ويقول المُصدِّر عبد الباسط محمود، إنه يمكن الاستفادة من (البهيمة) من الصوف والعظم وحتى الظفر، قائلاً:(أي جزء من البهيمة بها فائدة إلا صوتها)، ويرى الخطوة بأنها جيدة للاستفادة من القيمة المُضافة، وطالب بضرورة توفير البنيات التحتية كافة من مسالخ ووسائل نقل حديثة، وأشار محمود إلى أن اعتماد هيئة الغذاء والدواء بالمملكة العربية السعودية لثلاث مسالخ نموذجية في السودان وفق المعايير المعتمدة من قبل الهيئة سيدعم قطاعاً استراتيجياً ويصب في توجه المملكة لدعم السودان من خلال قطاعاته الاستراتيجية المهمة التي تعود بالنفع المادي والاقتصادي للبلدين.
الاتجاه الصحيح
ووصف خبراء اقتصاديون، الاتجاه إلى الصادر المذبوح بالوجهة الصحيحة، لجهة الاستفادة من القيمة المضافة وزيادة عائدات الصادر، وطالبوا بضرورة الزيادة والتوسع في البنيات التحتية.
ودعا الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي إلى إيقاف صادر الماشية الحية باستثناء الهدى والأضاحي، وذلك لتحقيق القيمة الإضافية للصادرات خاصة للثروة الحيوانية، وأشار إلى أن التحول للصادر المذبوح يسهم في الاستفادة من كل المنتجات الصناعية المتعلقة بالثروة الحيوانية كالجلود، مما يشجع الاستثمار في المدابغ وتصدير الجلود المُصنّعة، عِوضاً عن الجلود الخام بما يعدد الفرص للصادرات، ويطالب هيثم بتوفير المزيد من التمويل لضمان تصنيع اللحوم وتصديرها بعد ذلك، مشيراً إلى أن هذا النوع من الصادر سينعكس على الاقتصاد من خلال توفير أكبر قدر من العملات الأجنبية بعد دخول اللحوم المذبوحة مرحلة اللحوم المُصنّعة حيِّز الإنتاج. ودعا هيثم في حديثه لـ(سودان فيرست) إلى إدخال القطاع الخاص في هذا المجال الحيوي، مع العمل على زيادة البنية التحتية، وطالب الخبير الاقتصادي بتفكيك سيطرة شركات القطاع العام المملوكة للحكومة على المسالخ القائمة كافة واحتكارها للعمل في مجال الصادر بإنشاء المسالخ المخصصة للصادر بأعداد كافية ومواصفات حديثة حتى يُحظى المُنتج السوداني بالقبول في الأسواق العالمية.
مراحل التصدير
ومن جهته، وصف الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز، الانتقال للصادر المذبوح بالعمل المتقدم، مشيراً إلى أن ذلك جاء بعد الاهتمام بالبنيات التحتية، وما تم تصديره ويتم العمل فيه جاء بعد تأهيل مسلخ الكدرو وتجهيز اللحوم المُبرّدة، والتي تصدر بالطائرات، وأشار إلى أهمية الانتقال للخطوة الثانية من خلال زيادة الإنتاج الواسع والكبير والمؤثر للوصول الى مرحلة اللحوم المُجمّدة والترحيب برّاً بالثلاجات التي تدخل السفن بكامل حُمولتها، مشيراً إلى أن اللحوم المُجمّدة تكون صالحة للاستهلاك لحوالي ستة أشهر، ودعا عادل إلى أهمية توفير مقومات صناعة اللحوم من الحيوانات الحيّة الجيدة المعدة للصادر، إلى جانب الطاقة للانتقال من مرحلة تصدير المواشي حيةً لتصديرها مُبرّدة أو مٌجمّدة أو مُصنّعة بالكامل.
فتح الأسواق الخارجية
وزير الثروة الحيوانية علم الدين أبشر، أكد حرص ورغبة الحكومة الانتقالية في تحقيق أقصى استفادة من الثروة الحيوانية، وإحداث قفزة في القطاع، معتبراً أن خطوة تصدير اللحوم الجاهزة إلى الأسواق السعودية خطوة تتبعها المزيد من الخطوات في اتجاه فتح مزيد من الأسواق الخارجية أمام المنتجات السودانية دعماً للاقتصاد القومي، وأشاد الوزير بمستوى التعاون والتنسيق بين السودان والمملكة على الأصعدة والمُستويات كافة، متوقعاً المزيد من التعاون المشترك بما يحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.