حوار- صباح المصباح
عندما نادى منادي الوطن، إيذاناً بانطلاقة المواكب عند الواحدة بتوقيت الثورة، كان قائد فريق حي الوادي نيالا وليد سعد في المقدمة، خلع شارة كابتنية فريقه وارتدى شارة الوطن، لم يتهيب من كونه شخصاً معروفاً وسيكون صيداً سهلاً للأجهزة الأمنية آنذاك، وعندما يتحدث معه من هم حوله، كان يقول لهم، أنا ما أفضل من إخواني الشهداء، هكذا كان مشبعاً بالعزيمة والإصرار. (سودان فيرست) أجرت معه دردشة بروح الثورة وذكريات رمضان في القيادة، فإلي مضابط حوارنا معه:
* رمضان كريم كابتن وليد، وكيف يسير يومك في رمضان؟
– الله أكرم وتصوموا وتفطروا على خير، ويومي يبدأ بصلاة الصبح حاضراً ومن ثم تلاوة أجزاء من القرآن الكريم وبعد ذلك أخلد للنوم، ورمضان هذا العام نفتقد فيه لمّة الإفطار والتراويح والخماسيات وخلافها، وتمر علينا الذكرى الأولى لاعتصام القيادة وذكريات رمضان فيه ولمّتنا والصداقات التي كوّنّاها مع أشخاص كنا لا نعرفهم.
* على ذكر القيادة، أحكِ لنا تفاصيل أول يوم دخلت فيه مقر القوات المسلحة؟
– هذا اليوم لا ينسى، وهو يوم تاريخيٌّ، وحقيقة نفتخر بأنه كان لنا الشرف في المشاركة في هذا اليوم المشهود مع الشباب والكندّاكات، ولا أنكر بأننا عانينا كثيراً قبل الوصول للقيادة من قبل الأجهزة القمعية التي أطلقت علينا وابلاً من الرصاص والذخيرة الحية، ولم يكفهم كل ذلك، بل أطلقوا علينا الغاز المسيل للدموع الذي لا تكاد ترى من كثرته، وأيضاً كانت عرباتهم تطاردنا، ورغم ذلك لم تلن عزيمتنا وكان أمامنا هدف واحد وهو إزالة هذا الكابوس الذي جثم على صدورنا طيلة 30 عاماً، ومعنويات الثوار والكندّاكات كانت تناطح عنان السماء، والمواكب تتسابق من أجل الوصول للقيادة التي حددت سابقاً كمقر للاعتصام، ولا أستطيع أن أصف لك شعورنا بعد وصولنا لها، كان مشهداً مؤثراً.. الكل يبكي.. والكل يسلم علي إخوانه وكأنه يعرفهم منذ عشرات السنين.
* وماذا بعد دخول القيادة؟
– أوقفنا الاحتفالات، وفكّرنا في كيفية حماية إخواننا، وعلى الفور بدأنا في نصب التروس، ولم ننم في تلك الليلة لأن أجهزة الأمن كانت تحاصرنا مع مناوشات وضرب نار في محاولة لفض الاعتصام ولكن هيهات أن يتحقق لهم ذلك.
* ألم تتخوّفوا خاصة وأن الطريق كان واحداً، إما الموت أو السجن؟
– السجن للرجال والزول ما بموت مرتين.
*مَن مِنَ الرياضيين كان معك؟
– أحمد الجعلي، علاء الدين يوسف، عمار حارس الأهلي الخرطوم، سيف تيري، أيمن عبد الرحمن، هيثم مصطفى ومنير الخير وغيرهم كثيرون من الرياضيين لهم التحية عبركم.
* من أين يأتيكم الدعم من أكل وشرب وخلافه؟
– أول يوم عانينا معاناة كبيرة من عدم وجود طعام وماء، ولكن في اليوم الثاني الناس كانت تتسابق في إحضار الطعام، بعد النداء الذي وجّه لهم في السوشيال ميديا من داخل السودان وخارجه.
*كيف استطاعت هذه الجموع أن تنصهر في بوتقة واحدة وهي لا تعرف بعضها؟
– عندما يكون الهدف واحداً، يأتي الانصهار سريعاً، كانوا يتعاملون وكأنهم أشقاء من أم وأب واحد، ولولا تكاتفهم وترابطهم لما استطاعوا إسقاط نظام البشير.
* رمضان في القيادة كان كيف؟
– يا سلام كانت أجمل أيام وأجواء رائعة، بجانب التكافُل والتراحُم بين الثوار.
* هناك من يتحدث عن إفطار الثوار؟
– يشهد الله كل الثوار كانوا صائمين وحامدين وشاكرين لله.
* صلاة الجمعة في القيادة ووقفة الأقباط معكم، حدثنا عن ذلك؟
– كان أعظم شئ، وكان الأقباط يظلون علينا من وهج الشمس وحرارة الأجواء وقت الصلاة وهو مشهد تناقلت صوره وكالات الأنباء العالمية.
* المناوشات التي حدثت في الثامن من رمضان وراح ضحيتها شباب، كيف كان حال القيادة بعدها؟
– كان يوماً حزيناً،ووهو من الأيام الصعبة التي أمضيناها هناك، نسأل الله تعالى أن يتقبلهم ويرحمهم.
* حدثنا عن كولمبيا، وهل صحيح كانت بؤرة للمخدرات وخلافها؟
– بكل أسف هؤلاء ظهروا في أواخر الاعتصام، ولا يمثلون الثورة، ولم نرهم في المواكب، وهم فئة قليلة من أعداء الثورة وكانوا يريدون تشويه صورتها.
* تمر علينا الذكرى السنوية لمجزرة فض الاعتصام، ما هو تعليقك؟
– هذا اليوم كان بمثابة الطعنة في الظهر للثورة والثوار، ولن ننساه مدى الحياة، سيما وأننا فقدنا إخواناً أعزاء فيه ونسأل الله تعالى أن يتقبل الشهداء، وأن يحفظ السودان ويوحد أهله، ويعم السلام كل ربوع الوطن الحبيب، ويبعد عنا هذا الوباء الفتّاك.