سودان فيرست ـــ نيازي أبو علي
نجمنا اليوم، تتقاصر دونه الكلمات، تلفزيون يمشي على فكرة وإبداع، يكفي أنه رائد الإعلام المرئي الخاص في السودان. دخل بيوتنا بـ(هارموني)، وقلوب أطفالنا بـ(سنابل).. إنه الإعلامي الرقم،
المخرج الفنان، الكردافي الأصيل، معتصم عبد الرازق الجعيلي، الذي يُعد واحداً من أبرز مبدعي السودان، الذين رسموا اسمهم على سجل النجاح والنضال والمجد، قدم للمشاهد السوداني، أول قناة فضائية خاصة فتح عبرها الفضاء لقنوات سودانية أخرى، وصاحب امتياز أول قناة سودانية للأطفال.
رغم الصعاب التي واجهت مسيرته الإعلامية والتحديات والتضييق الذي تعرّض له، ظل الجعيلي محل احترام وتقدير ومودّة من الزملاء الإعلاميين، الذين فتح لهم الأستديوهات ليطلوا على العالم، وأجزل لهم التدريب والتأهيل والاتقان، لذلك ظل صامداً بكل بهاء وعزة، ويد ممدودة بالخير وروح وثّابة، لا يغيبه عن ساحة العطاء إغلاق هارموني أو إيقاف سنابل.
كان الجعيلي حاضراً في دفتر الثورة المجيدة بنفسه وماله وفكره الثاقب، وبعد نجاح الثورة أطلق مبادرة (نحن السودانيين) من أجل التوثيق للثورة السودانية، وهي المبادرة التي دعا فيها عبر حسابه على “فيسبوك” إلى تكوين لجنة مختصة لإنتاج أوبريت يوثق لعظمة ثورة ديسمبر المجيدة.
المخرج الطيب صديق، قال إن معتصم الجعيلي من أوائل المخرجين الذين أسّسوا لمفهوم الإعلام الخاص وهو من النادرين الذين لم تستعبدهم الوظيفة، ومضى في مشروعه المستقل بتمرحل منطقي بدأه من مصور ثم مخرج، بالإضافة لتجربته كصحفي تلفزيوني لوكالة (رويترز) أكبر وكالات الأنباء في العالم، ثم قناة هارموني التي أوجدت لنفسها مكاناً فسيحاً في نفوس السودانيين بالرغم من أنها لم تتلق دعماً كما تلقاه الآخرون. وأضاف الصديق (معتصم الجعيلي من رواد صناعة الإعلان في السودان، ولزمن طويل كان نجم الإعلانات الأوحد في السودان، وهو أيضاً من رواد الانيميشن والكرتون وبرامج الأطفال، وبالرغم من أنه ناضل من أجل تقديم مادة للأطفال، لكنه لم يلق الاهتمام الذي يستحق.. معتصم بعطائه وتفانيه وبذله، شخص جدير بالتكريم لأنه فتح الطريق لكثيرين وعبر مؤسسته الخاص أتاح لهم التعلم والتدريب وكان ملهماً لكثيرين.. أنا واحد منهم).
وامتدح الإعلامي طاهر محمد علي من مقر إقامته بالأردن بقناة (٢١٨) نيوز الليبية، مشروع الجعيلي وسنواته الطويلة مع رحلة الإبداع، قائلاً: (الجعيلي ود الربع الثاني بمدينة الأبيض.. وخريج مدرسة الإبداع الكردفاني.. يُعد من أوائل الذين عملوا على تغيير الهوية البصرية للشاشات السودانية.. وهو أيضاً من الذين عملوا على إنتاج وتطوير قوالب الإعلانات التجارية من خلال إخراجها بشكل جاذب.. وميزة الجعيلي أنه مغامر في خوض التجارب الجديدة فأنشأ شركة هارموني للإنتاج الإعلامي لرفد التلفزيون والقنوات بمشاهد غير مكتشفة، تتمثل في طبيعة كردفان وعادات أهلها، ويعتمد عمله في هذا الجانب على خروج الكاميرا من الأستوديوهات)، وتابع طاهر:
(ساعد الجعيلي على اكتشاف هذه الكنوز لخوض تجربة الفيديو كليب أوان بداياتها.. ثم جرب نمطاً آخر بالاستفادة من الغرافيك والانيميشن بتحريك الصور، فصنع قالباً جديداً للكاركاتير المرئي.. وهو ما ساعده أيضاً في نقل هذه الرسومات للتعبير عن البيئة السودانية وعمل مسلسلاً للأطفال كان أشهرها “بلطية بت النيل” التي حصدت جوائز في مهرجانات عربية.. وأتبعها بعدة سلاسل.. قمة هذا الإبداع كان الدخول في تجربة قناة هارموني والمنافسة في المنوعات وتقديم مضمون خفيف وهادف في آن واحد بعيداً عن ابتذال فكرة المنوعات المعروفة).
وساهم الجعيلي في إخراج كاميرا هارموني إلى تراث كردفان وتراث النوبة في الشمال وشرق السودان وجنوبه.. إضافةً إلى إنتاج كوميديا تعبر عن الواقع.. تجربة هارموني كانت علامة فارقة وإن خانتها الإمكانات، حيث تحدى الجعيلي الظروف التي أحاطت به، فاستطاع التغلب عليها لوقتٍ قصيرٍ، ولكن على المدى الطويل حالت بينه وبين اكتمال المشروع.. فتوقفت لعدة مرات.. لكن أثرها ظل ماثلاً في رفد المكتبة المرئية بإنتاج ضخم للفنون والتراث والكوميديا وإنتاج الأطفال.
ومن جانبه، تحدّث الإعلامي شهاب مغاربة حديث العارفين عن الإعلامي الرقم معتصم الجعيلي قائلاً: (أقل وصف له هو ملك الميديا، صعب أن تكتب في حق فنان استطاع أن يخلق لنفسه ولفنه مدرسة خاصّة، ميّزته عن غيره من كبار الإعلاميين فالرجل أبدع وأمتع، ويعتبر صاحب بصمة واضحة ومسيرة إعلامية سامية قدم كل ما يفيد الناس والمجتمع، إضافةً لاهتمامه ببرامج الأطفال، فكانت مدرسته متفردة ومخضرة بالعطاء، نهل من فصولها الكثيرون وتخرج فيها أساتذة كبار وأصبح يُشار إليه بالبنان فكيف لنا أن نتحدث عن الأستاذ. يكفينا فخراً انه ابن عروس الرمال).