سودان فيرست ـــ محمد الأقرع
يبدو أن قضية سد النهضة دخلت إلى نفق مظلم، بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة بين الدول الثلاث “إثيوبيا، السودان ومصر” وبحسب متابعين تعود أسباب الفشل إلى تباينات في وجهات النظر بشأن الجوانب القانونية المتعلقة بمدى إلزامية الاتفاقية بعد التوقيع عليها، كما دخلت في الخط قضية تقسيم المياه بين الدول الثلاث ومدى التزام الاتفاقية التي يجرى التفاوض فيها، بالتقاسم السابق بحصص مياه النيل، فضلاً عن تباين في الرؤى حول آلية فض النزاعات بالدول الثلاث. ويأتي ذلك بالرغم من أن المفاوضات الأخيرة أحرزت تقدماً في معظم المسائل الفنية المتعلقة بالملء الأول للخزان في الظروف العادية في السنين الجافة وفي التشغيل المستمر بعد ملء سد النهضة.
وأعلنت الخارجية المصرية يوم السبت الماضي، تقديمها مذكرة جديدة لمجلس الأمن الدولي طالبته فيها بالتدخل بغرض التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق، علماً بأن إثيوبيا قد لوّحت بالبدء في ملء السد ابتداءً من موسم الأمطار الحالي.
وفي خطوة مماثلة، ردّت إثيوبيا يوم الثلاثاء، على رسالة مصر إلى مجلس الأمن الدولي برسالة أخرى، اتهمت فيها القاهرة بعدم النية في المساهمة بإنجاح العملية التفاوضية بشأن سد النهضة من خلال عرضها القضية على مجلس الأمن الدولي.
وقال وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندار غاشيو، إن مصر “ليست لديها نية للمساهمة في إنجاح العملية التفاوضية الثلاثية (وتضم مصر وإثيوبيا والسودان) بعرضها الأمر على مجلس الأمن الدولي”، وأشار إلى أن مصر تتحدث الاستخدام الحالي وفقاً إلى اتفاقية الحقبة الاستعمارية لعام 1959، بين السودان ومصر. ووصف غاشيو الاتفاقية بـ”الصفقة الباطلة وغير العادلة”. وقال في تصريحات صحفية إن الاتفاقية السابقة قسّمت مياه النيل بين السودان ومصر فقط، وتجاهلت إثيوبيا ودول حوض النيل، ومنحت مصر نصيب الأسد من مياه نهر النيل، وأضاف أن “المفاوضات الجارية التي تخوضها إثيوبيا بحُسن نية، هي بشأن عملية التعبئة الأولى والتشغيل السنوي، وليست بشأن تقاسم المياه”. وأكد الوزير التزام بلاده بعدم الإضرار بمصر والسودان.
وفي السياق، يعقد اليوم الأربعاء وزير الري السوداني ياسر عباس، مؤتمراً صحفياً لتوضيح آخر المستجدات في القضية مثار الخلاف ورؤية السودان في الحل.
يُذكر أن وزير الري كان قد قال الأربعاء الماضي في مؤتمر صحفي سابق، إن موقف بلاده منذ بداية مفاوضات سد النهضة يرتكز على مبدأ أساسي في القانون الدولي وهو حق الدول المتشاطئة للنيل في الاستخدام المنصف والمعقول للمياه من غير إحداث ضرر على الآخرين. وأوضح أن السودان لا يريد التوجه إلى مجلس الأمن ويفضل الحل التفاوضي بخصوص سد النهضة. رغم أنه عاد وأشار إلى عدم القبول باتخاذ قرارات احادية بملء السد، وكشف عن تراجع الإثيوبي في نقاط جوهرية في ما يخص الاتفاقية، هل هي اتفاقية دولية أم ورقة استرشادية للتشغيل والملء، وهل هي ملزمة أم غير ملزمة هل يمكن تعديلها أم لا ومن الذي يقوم بالتعديل..؟