وزير الخارجية الألماني هيكو جوزيف ماس
في العام الماضي، شاهد العالم بإعجاب عندما خرج مئات الآلاف من النساء والرجال السودانيين إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير السلمي ضد واحدة من أكثر الأنظمة الديكتاتورية وحشية في العالم. تعهّدت الحكومة المدنية الأولى بعد أكثر من 30 عاماً بتلبية تطلعات الشعب في “الحرية والسلام والعدالة”.
سافر كلانا بسرعة إلى الخرطوم لرؤية التغيير بأعيننا.. كانت الطاقة والالتزام اللذين شعرنا بهما في اجتماعاتنا مع السلطات السودانية والمجتمع المدني والمتظاهرين والطلاب قوية ومثيرة للإعجاب.
قدمنا للسلطات الجديدة دعمنا الكامل.. وبالتعاون مع المجلس السيادي، بدأت الحكومة الانتقالية – بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك – في تنفيذ تغييرات وإصلاحات مهمة.. تم تعزيز الحريات الأساسية.. العديد من الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية جارية.
الرئيس السابق البشير والعديد من شركائه المقربين في السجن وسيواجهون العدالة.
ومحادثات السلام الشاملة مع العديد من الحركات المتمردة المسلحة في تقدم.
إن الحفاظ على هذا النهج نحو الإصلاح أمر حيوي وينبغي أن يؤدي قريباً إلى إنشاء المجلس التشريعي الانتقالي وتعيين حكام الولايات المدنيين.
يجب أن تصل ثمار التحول إلى السودان بأكمله، بما في ذلك الولايات التي عانت من نزاعات دامت لأعوام، مثل دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
ومع ذلك، فإن جائحة فيروس كورونا المستجد يعرّض إنجازات الثورة السلمية في السودان للخطر. حتى قبل تفشي الوباء، كانت التوقعات الاقتصادية للسودان وخيمة.
ورثت الحكومة الحالية تراكماً كبيراً لسوء إدارة الموارد ونظاماً للدعم غير المستدام يعيق قدرتها على الاستثمار في المستقبل.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من تسعة ملايين شخص في السودان بحاجة إلى المساعدات الإنسانية اليوم. وما زالت نتائج الأعمال الإرهابية السابقة، التي دعمها النظام السابق قبل عقود، تعوق إعادة اندماج السودان الكامل في الاقتصاد العالمي وتحد من وصوله إلى الحصول على المساعدات الدولية المالية وتخفيف عبء الديون والذى يحتاج اليه السودان.
لتوفير شريان الحياة لعملية الانتقال الجارية ومرافقة جهود السودان الخاصة، تظل زيادة المساعدات السياسية والمالية الدولية ضرورية. الوقت المناسب للقيام بذلك هو الآن.
يجب تجنب أي تراجع في عملية الانتقال.
لقد تم بالفعل اتخاذ خطوة مهمة نحو شراكتنا الجديدة مع السودان في مجلس الأمن الدولي قبل بضعة أسابيع.
ووافق مجلس الأمن الدولي على تفويض مهمة سياسية جديدة للأمم المتحدة لمساعدة السودان لتحقيق طريقه إلى السلام والديمقراطية.
وفي الوقت الذي لا تتوفر فيه الرحلات الجوية التجارية، قدم الاتحاد الأوروبي الإمدادات الحيوية مثل معدات الحماية الطبية وأجهزة تنقية المياه والمعدات الطبية لدعم جهود السودان ضد جائحة فيروس كورونا، في أكبر عملية فردية للعمليات الإنسانية الأوروبية من خلال الجسر الجوي الاوروبي.
وبالرغم من ذلك، يتطلب استقرار السودان المزيد.. في 25 يونيو، ستعقد الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا والسودان، مؤتمراً دويا اً لتوجيه رسالة قوية إلى الشعب السوداني.
سيواصل المجتمع الدولي الوقوف وراء انتقالك الديمقراطي!
الفكرة بسيطة: ستلتزم الحكومة السودانية بدفع ثورة 2019 إلى الأمام – من خلال إصلاحات اقتصادية وسياسية جريئة وخطوات لتحقيق الوفاق داخل البلاد.. في المقابل، ستقدم حوالي 50 دولة ومنظمة دولية للسودان شراكة لدعم البلاد حتى انتخابات عام 2022.
نحن نخطط لجمع ما يكفي من الأموال لبدء برنامج الحماية الاجتماعية من قبل البنك الدولي والحكومة السودانية لمساعدة العائلات السودانية المحتاجة. وسندعم أيضًا صندوق النقد الدولي في فتح طريق السودان نحو تخفيف عبء الديون.
اليوم يتمتع السودان بفرصة العمر لتحقيق السلام والديمقراطية والانتعاش الاقتصاي. في ظل أزمة عالمية غير مسبوقة، يجب اغتنام لحظة الأمل هذه. ولا يزال السودان الديمقراطي هو أفضل ضمان لاستقرار البلاد والمنطقة بأسرها على المدى الطويل.
كان شعار “تسقط بس” أحد الشعارات التي رددها المتظاهرون في شوارع الخرطوم للإطاحة بالنظام القديم. بعد التغيير السلمي، يجب أن تكون رسالتنا لهم: تضحياتكم لن تذهب سدىً. “السودان الجديد باق ولن ندعه يسقط”.