سودان فيرست- عبد الرؤوف عوض
الوضع الكارثي الناجم عن السيول والفيضانات، وما خلفته من دمار في كافة مناحي الحياة، خلق قدراً كبيراً من التلاحم والتعاضد من أجل غوث المتأثرين وإسنادهم ورفع المعاناة عن كاهلهم، ولم تكن القوات المسلحة ممثلة في الفرقة الرابعة مشاة بالدمازين بمعزل عن المشهد، بل ظلّت وسط الحدث بدءاً من ترحيل امتحانات الشهادة السودانية للمناطق المنكوبة عبر طائراتها ثم نقل الأغذية والدعم لتلتقي جهودها في هذا الإطار مع جهود ديوان الزكاة الذي ظل حاضراً بدعمه للمتاثرين، لكن تعوزها كما في هذه الحالة الوسيلة المناسبة لإيصال المساعدات في طرق يستحيل عبورها بأي وسيلة برية أياً كانت كفاءتها وقدرتها، فكان التفكير في إيجاد جهة تساعد الديوان للقيام بواجبه فتلفّت أمين الزكاة بالولاية، فيصل حسن آدم يمنة ويسرى فوجد الاستجابة من الفرقة الرابعة مشاة بالدَمازين عبر الاتصال والتنسيق مع رئس مجلس أمناء الزكاة بالولاية الوالي عبد الرحمن نور الدائم عبر اتصالات مع قائد الفرقة الرابعة مشاة، فكانت الاستجابة قبل أن تفيض أعين أمين الزكاة من الدمع حزناً ألا يجد ما يوصل به الدعم والمساعدة لمواطني (الصافية) على الشمال الشرقي من محلية الروصيرص بالقرب من حظيرة الدندر.. القرية التي تقطّعت بها السبل جراء السيول والأمطار، فكان بُعدها الجغرافي سبباً تاريخياً لعدم وصول الخدمات في أبسط صورها، وهكذا وجد أهل الصافية أنفسهم في خضم النسيان والإهمال لينضب كل ما في متاجر القرية من مواد غذائية بعد انقطاع عن أقرب الأسواق لمدة أكثر من أسبوعين.. وصل صوتهم بالشكوى للمسؤولين بالقرية بفضل شبكة الاتصالات كما قال شيخ القرية، ولم يصلهم أحد قبل أن تحط بينهم طائرة القوات المسلحة وسط استقبال أهل القرية بالتهليل والزغاريد والهتاف.. تلك الكلمات المنظومة من أحد النساء على نسق الحكّامات حال بيننا وبين رصدها أزيز الطائرة التي ترجّل منها أمين ديوان الزكاة بولاية النيل الأزرق والعقيد الركن محمد عبد الرحمن نهار وطاقم الطائرة. استهل أمين ديوان الزكاة حديثه لأهل الصافية قائلاً: لو لا هؤلاء الرجال، ولولا القوات المسلحة ما استطعنا أن نصل إليكم، خاصاً بالشكر قائد الفرقة الرابعة مشة العميد الركن عثمان بشير جمعة قائد الفرقة الرابعة مشاة ووالي الولاية لاهتمامهم بإيصال الدعم لقرية الصافية، مؤكداً ان ما قدمه الديوان يأتي في إطار مسؤوليته وواجبه تجاه المجتمع، موضحاً أن التحرك من أجل تقديم الدعم بدأ منذ تلقي الخبر عبر مكتب زكاة الروصيرص الذي كان الرابط بالمنطقة أثناء الموسم، وأضاف الأمين أن الديوان ظل مستجيباً لتقديم الدعم والإسناد للمتضررين بالسيول عبر لجنه درء آثار السيول بالديوان التي تتابع البلاغات من كل محليات الولاية، واوضح فيصل أن الدعم جاء وفقاً للظرف الماثل الآن، حيث تم تجهيز سلة غذائية بها كل المواد التي تحتاجها الأسرة بالإضافة لمواد تمكن من تجهيز وجبات سريعة كالشعيرية والأرز ووجبات جاهزة كالطحنية والمربى والبسكويت، إضافةً للسكر والشاي والبن،
تبارى أهل القرية في الشكر والثناء للديوان وسالت دموع الزكاة والقوات المسلحة بكلمات مرتجلة. وقال متحدث باسم القرية إن حضور امين ديوان الزكاة وممثل قاائد الفرقة يعني الاهتمام والإحساس بما نعاني.
الشاب عوض الحاج يوسف رئيس لجنة المقاومة بالقرية، أوضح أن القرية ظلت مقطوعة عن بقية أنحاء الولاية لأكثر من اسبوعين نتيجة للأمطار والسيول القادمة عبر خور السنط ونفد كل ما يوجد في متاجر القرية من بضائع وسلع، وصار الناس يقتاتون بليلة الذرة والان ظهرت حالات ملاريا وحميات، وهناك أمراض مزمنة مثل الضغط والقولون وهناك كبار سن ولا توجد بالقرية شفخانة أو نقطة غيار، بل فقط بها قابلة ولا توجد بها مدرسة ولا حتى خلوة للقرآن وأقرب مدرسة على بُعد سبعة كيلومترات في قرية الدويمة، واقرب سوق لهم في ديوظ اكثر من 30 كيلومتراً.