سودان فيرست- أميرة صالح
يلجا إليه الناس لكتابة مشاكلهم لعرضها على القضاء.. تراه يجلس ومنهمك في عمله وهو يدون ما يسمعه من الناس الذين أجبرتهم الظروف للجوء إلى القضاء لأخذ حقهم، وبين حالة وحالة، يمازح أصدقاؤه الذين يصطفون على جانبي أسوار محكمة الامتداد بمنطقة الخرطوم، إبراهيم عبد الرسول عباس أو كما يحلو له مناداته بـ(ود الجبل)، ستيني يكسو الشيب ثلاثة أرباع رأسه، إلا أنه مازال يحتفظ بروحه الشباب والمزاح، لم تقتل تلك الروح ما مر به من مشاكل الناس.
يقول ود الجبل، إنه استفاد من مرحلة الخلاوي التي درس بها في أولى حياته في تحسين خطه، مبيناً أنه كان يكتب بـ(نواة البلح) في ذاك الزمن، الأمر الذي انعكس على جمال خطه الذي يملكه، ويشار إليه بين زملائه في عالم (عرضحالي)، مضيفاً أنه كان يعمل في جمهورية ليبيا قبل عام (1987)، وبعدها قرر أن يعمل في كتابة العرائض، موضحاً أنه يرفض فكرة السيطرة والمراقبة التي تكون في بعض المؤسسات الحكومية والخاصة، لذلك قرّر أن يكون مدير نفسه ويرحم نفسه من مسألة الاستيضاحات كما قال، فبدا مشواره في محكمة قرب قسم أركويت بالشرقي في الخرطوم، مردفاً أن المشاكل كانت في السابق بسيطة، وكان من يذهب إلى القضاء يكون محتاجاً إلى إنصاف، ويكون صادقاً في قص روايته أمام العرضحالية ونلمس ذلك فيها، وأضاف (أما الآن، فقد تحوّلت الموازين)، وأشار إلى أنه انتقل بعد ذلك إلى الامتداد الذي استمر فيه إلى اليوم.
ويروي ود الجبل أن العمل في المحاكم أكسبه كيفية التعامل مع كل شرائح المجتمع دون تفريق بينهم، كاشفاً أن ذهاب المرأة للمحاكم كان شبه منعدم في السابق، حيث إنه كان يستذكر به فيقول: (تتذكر يوم المرأة جات لمن شالت مني 70 قرشاً)، الأمر الذي يدل على أنه كانت نادرة ما تلجأ إلى القضاء في مسألة الطلاق أو النفقة، وبعدها استعرض لغته الإنجليزية بقوله (impossible)، مبيناً أن أكثر مشاكل المتزوجات في المحكمة في الوقت الحالي هي من أجل (النفقة) التي تجبر الزوجة إلى الفصل في المحاكم.
فيما كشف ود الجبل أن أسعار كتابة العرائض بـ(١٥٠) جنيهاً، موضحاً أنه عدة مرات يكتب لشخص واحد ثلاث عرائض ويعطيه (٤٥٠) جنيهاً، الأمر الذي يساعده في سد احتياجاته.
انقطع الحديث بمجئ بائع الليمون، الذي طلب منه العم إبراهيم أن يعطيهم كوبين من الليمون، وبعدها قال إن سعره (20) جنيهاً. ثم انتقل الحديث عن عدم رضاء الناس عن الوضع الحالي للبلاد بعد ثورة ديسمبر المجيدة والتي لا تخلو من كل المجالس بين الناس.
وقال العم إبراهيم الشهير بـ(ود الجبل)، إن عدم فرض قوانين رادعة وفرض هيبة الدولة ينعكس على حالة الفوضى التي تعيشها البلاد، وجشع التاجر، وعدم ضبط الدولار الذي بات مربوطاً بمصير الشعب.