قال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني محمد حمدان دقلو «حميدتي»، إن الموقف التاريخي للسودان من القضية الفلسطينية لا يمنعه من إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، واصفاً سلاح المُقاطعة بأنّه بلا قيمة، ولم يستفد منه أحدٌ، قاطعاً بأنّ 90 في المائة من السودانيين يدعمون إقامة علاقات مع إسرائيل، في الوقت الذي يقفون فيه إلى جانب حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
وأكد دقلو في حوار مع «الشرق الأوسط»، أنّ بلاده لم تتعرض لأي ابتزاز من الولايات المتحدة للتطبيع مع إسرائيل، مشيراً إلى أن هذا الخيار كان خيار السودانيين. واضح أن «اللاءات الثلاثة» التي أطلقها مؤتمر القمة العربي في الخرطوم عام 1967 «لا سلام، لا مفاوضات، لا اعتراف بإسرائيل» لم تفد السودان شيئاً، «لذلك نعمل للتصالُح مع كل العالم، وإسرائيل جُزءٌ منه». وأضاف: «عانينا من العزلة الدولية لأكثر من 27 عاماً، بسبب إدراجنا في قائمة الإرهاب الأميركية… لذلك نسعى للتصالح مع العالم». وقال: «إسرائيل جُزءٌ من العالم، والسلام معها يُحقِّق مكاسب لنا».
ووصف دقلو، الحرب في دارفور بأنها كانت تمرداً ضد الدولة. وقال: الدولة هي المسؤولة عن الجرائم التي اُرتكبت، نافياً بشدة حدوث «تطهير عرقي»، وقال: «الذين يُروِّجون لهذه المزاعم، كانوا يريدون الانتصار لقضيتهم».
وكشف دقلو رفضه طلب الرئيس المعزول عمر البشير ضرب المتظاهرين، بقوله: «قلت له بوضوح؛ قوات الدعم السريع لن تضرب المُحتجين»، وتابع: «النظام المعزول كان يُخطِّط لعمليات قتل بطريقة بشعة وواسعة، لذلك استدعينا قوات الدعم السريع لحماية المتظاهرين».
وأشار قائد الدعم السريع إلى أنّ مصير قواته الدمج في الجيش السوداني، «هي منه وستعود إليه»، وفق ما نصت عليه اتفاقية السلام بين الحكومة والحركات المسلحة.
وحول لقائه بالمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، إبان زيارتها للسودان، قال دقلو: «تحدّثت معها حول تحقيق العدالة لضحايا دارفور، لكنها لم تطلب تسليم المطلوبين بأوامر قبض لـ(الجنائية)».
>أعلنتم تأييد العلاقات مع إسرائيل، متجاهلين الموقف التاريخي السوداني الرافض للتطبيع.
-لا أرى موقفاً تاريخياً يحول بين السودان وإقامة علاقات مع إسرائيل، فلا عداءٌ بيننا ولا حرب. ولا يُوجد هناك جيش مسلم أو عربي يقاتلها لنقف معه، وهذا يعني أن سلاح المقاطعة بلا قيمة، فقط أدخلتنا في عزلة دولية استمرت 27 عاماً، وهذا ما يستوجب تطبيع علاقتنا بإسرائيل وإقامة علاقات مع كل العالم، فالسلام يُحقِّق المكاسب للسودان.
>ماذا كسب السودان؟
-السودان سيكسب كثيراً، كان مُصنّفاً مع الدول الراعية للإرهاب، وعلينا الخروج من هذا الوضع.. والوصول لسلام مع العالم مثل الآخرين، فلا حدود تجمعنا مع إسرائيل.
يملك الإسرائيليون تكنولوجيا مُتقدِّمة، ولا سيما الزراعية، فمثلما لم نكسب شيئاً من العداء مع إسرائيل، يمكن أن نكسب بإقامة علاقات معها، دون أن نتخلّى عن موقفنا من حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، لأنّ علاقتنا مع إسرائيل لن تمنع ذلك. الفلسطينيون أنفسهم أقاموا علاقات معها، إضافةً إلى دول عربية وإسلامية طبّعت العلاقات معها، أظن أننا سنكون أكثر فائدة للقضية الفلسطينية وليس العكس.
>هل كان تطبيع العلاقات مُقايضة بحذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
-الحذف من قائمة الإرهاب وإقامة علاقة مع إسرائيل موضوعان منفصلان، مع ذلك بذل الرئيس دونالد ترمب جهده لإقامة علاقة تجمعنا مع إسرائيل، فالأولى قضية التزامات أوفينا بها، وبالتالي تمّ حذف السودان من قائمة الإرهاب، تم الفصل بين الملفين في زيارة وزير الخارجية الأميركي للسودان، لكن الإدارة الأميركية وآخرين اجتهدوا لتطبيع العلاقة مع إسرائيل، وخروجنا من العزلة الدولية مكسب كبير في نظري. والتطبيع كان خيارنا ولم نتعرّض لأي ابتزاز أميركي كما أُشيع.
>هل تتوقّع ردة فعل من الجماعات المتطرفة تجاه الاتفاق؟
-أجندة التطرف لن تنتهي، لكننا مُستعدون للسيناريوهات كافة، لكن 90 في المائة من الشعب السوداني يدعم إقامة علاقات مع تل أبيب.
>التقيتم المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، ماذا دار بينكما؟
-تحدّثنا حول العدالة واستقلال القضاء وحقوق الضحايا، وخَاصّةً ضحايا دارفور، تكلّمت عن 5 مطلوبين معروفين، أحدهم موجود في المحكمة، و3 في سجن كوبر بالخرطوم، والخامس خارج السودان، وبحثنا خيارات المُحاكمات، ما إن كانت مختلطة أو مراقبة أو في محاكم خاصة.
>لماذا لا تُسلِّمون المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية؟
– لم تطلب فاتو بنسودا ذلك.
>هناك اتفاقات بين السودان والاتحاد الأوروبي بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، كانت على رأسها قوات الدعم السريع التي تقودها أنت.
-نُساعد ضحايا الإتجار بالبشر منذ العام 2016. وأعدنا كثيراً من الضحايا، كنا قوات الدعم السريع نسلمهم للشرطة، لأن مهمتنا مراقبة الحدود وإنقاذ الضحايا من عصابات الإتجار بالبشر، ألقينا القبض على كثير من المجرمين، بينهم متطرفون ومرتكبو جرائم. نتمنى أن تقوم الدولة والمعنيون برسم خطط لإنقاذ الضحايا ومعالجة جذور المشكلة.
>هل تراجعت تجارة البشر أم تزايدت؟
– تراجعت، لكنها مستمرة، لأننا قبضنا على معظم رؤوس العصابات وسلّمناهم للسلطات، وأغلب المهاجرين من الإريتريين والإثيوبيين والسوريين، وأعداد السودانيين بينهم قليلة.
>هل التعاون بينكم والاتحاد الأوروبي قائمٌ، أم حدثت متغيرات بعد الثورة؟
– لا يوجد تواصل مُباشر بيننا والاتحاد الأوروبي، فالشرطة ووزارة الداخلية هي المسؤولة.
>كشاهد، ما دوافع الحرب في دارفور؟
-بدأت المشكلات القبلية في دارفور في ثمانينات القرن الماضي بين الرعاة والمزارعين، لكنها تطوّرت من حرب قبلية إلى تمرُّد في عام 2003. واضطرت الحكومة للاستعانة بالقبائل المحلية بعد أن فشلت القوات الحكومية في دحر التمرد، فأشارت أصابع الاتهام لدور القبائل العربية، لكن الحكومة كانت قد استعانت بكل القبائل. للحرب إفرازاتها من لجوء ونزوح وتشريد، وحدث كثير من الأخطاء أثناء النزاع، وكان لنا رأي واضح ضد الإجراءات الحكومية، لكن ما حدث هو مسؤولية الدولة، وقد عبرت عن ذلك للمسؤولين وقلت لهم إن ذلك سَيُؤلِّب الرأي العام ضد الدولة، ولم يستجيبوا له إلا في 2013.
>أين كنت في ذلك الوقت؟
-حين بدأت الحرب كنت أمارس التجارة، ثم انضممت لقوات حرس الحدود بداية 2004 بقوات قليلة، نحو 200 شخص، تم تدريبهم في الجنوب كقوات نظامية، بعد تخرجهم شاركنا في عمليات محدودة وفي مناطق محددة. ثم اختلفت مع الحكومة على ما يحدث في دارفور 3 مرات، في 2004. وقواتي كانت نحو 400 من العسكر المُدرّبين، الذين يُنفِّذون خطط هيئات العمليات، ولم نرتكب خطأً واحداً، حتى اختلفت معهم في عام 2007. وتم تكوين قوات الدعم السريع في 2013 بعد أن اعتصمت وقواتي، لكننا لم نتمرد.
>من أين جاءت تسمية «الجنجويد» والمحمول السالب المرتبط بها؟
-جنجويد مصطلح قديمٌ وجد رواجاً إعلامياً بعد أن أُلصق بالقبائل العربية، ويقصد به «اللص أو الحرامي» ونتجت الاتهامات المعروفة، فأصبحت «جنجويد» تشير إلى القبائل العربية في دارفور.
>لماذا أُلصق المصطلح بقوات حرس الحدود؟
-حرس الحدود لم تكن كلها نظامية، خليط من الدفاع الشعبي، ويقودها أشخاص غير عسكريين، أُلصقت بها التهمة لأن غالبها كان من القبائل العربية.
>هل اُرتُكبت جرائم دارفور من قِبل القوات الحكومية وحدها، أم أن حركات التمرد أيضاً مسؤولة؟
-القوات المسلحة هي التي تقود العمليات، وما حدث تُسأل عنه قيادات «الفرق» وقادة القوات لأنها تتحرك بتعليمات محددة ضمن خطة العمليات.
> كيف أخذت الحرب طابع التطهير العرقي، بعد أن كانت تمرداً؟
– هذه دعاية وتأليف، هي تمرد ضد حكومة، لم يحدث تطهير عرقي، فمن روّجوا لهذه المعلومات موجودون الآن، وحين بحثنا الأمر معهم ذكروا أنهم كانوا يريدون ترويج قضيتهم، لكن لا يوجد تطهير عرقي، كل القبائل تشرّدت وقُتل منها من قُتل.
>هل كانت تصدر الأوامر من القائد الأعلى بشكل مباشر؟
-ترسم قيادة الجيش خُطة القتال، ولا أحدٌ يستطيع التحرك دون خطة عمليات متسلسلة من أعلى حتى آخر جندي.
>ما حدود مسؤولية الرئيس المعزول عمر البشير عما حدث في دارفور؟
-الدولة مسؤولة عن تلك الحرب، ولا أستطيع القول إن الرئيس وجّه تعليمات مباشرة، صحيح التوجيهات تُصدر منه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكن هناك قادة مسؤولون.
>هل قام بمحاسبات بصفته القائد الأعلى على التجاوزات؟
-لم أشهد أو أرى محاسبات، فالمسؤولية عن الضحايا والجرائم التي حدثت في دارفور مشتركة بين المقاتلين من الحكومة أو المتمردين، هي مسؤولية مشتركة، وقد نبّهت لهذا، ولديّ شهود عليه، بأن ما يحدث سيُؤلِّب الرأي العام ولا يحقق نتيجة، ولو كانت القيادة العليا تريد حسمه لحسمته، قلت حديثي هذا في 2004، ثم عادوا في 2013 فحسمت القضية.
> بعد بداية الثورة استدعيت الدعم السريع للخرطوم، وراج أنها جاءت لحماية النظام وقمع المحتجين والمتظاهرين؟
– استدعيناها نحن لحماية المتظاهرين، ولم يكن الرئيس أو غيره يعلم بالأمر.
> متى اتخذت قرار حماية المتظاهرين؟
– نحن جُزءٌ من هذا التغيير، واخترنا أن نكون جُزءاً منه، نصحنا الحكومة السابقة، لكنها لم تقبل النصح ووصلت لطريق مسدودة، هناك أسرار عن التغيير لا أريد الحديث عنها الآن، لكن اللجنة الأمنية حمت المتظاهرين.
> ومع ذلك قُتل كثير من المتظاهرين.
– كان مخططاً أن تحدث عمليات قتل بشعة وواسعة، ولو لم نُجرِّد العسكريين من سلاحهم، ونمنع استخدام الرصاص، مع وجود اللجنة الأمنية (التي كوّنها البشير وقامت بتنحيته)، لضربت الثورة من اليوم الأول. نحن من أوقف العُنف المفرط وضرب المتظاهرين، وحرصنا على سلمية المظاهرات. لم نكن راضين عن المتاريس وحرق الإطارات وإغلاق الطرق، لكن بما أنها كانت سلمية قلنا تستمر لأننا نقبل الرأي والرأي الآخر، وهذه كانت نصائحنا، لم نخف موقفنا الرافض لضرب المتظاهرين، وقلنا لن نضربهم ولن نمنعهم، البشير كان يعلم بذلك.
>ألم يطلب منكم الرئيس المعزول قمع الاحتجاجات؟
– طلب منا ضرب المتظاهرين، لكن قلنا له بوضوح، لن نضرب المتظاهرين، وكانت ردة فعله أن سكت.
> هل كان هناك دورٌ لرئيس جهاز الأمن والمخابرات الأسبق صلاح عبد الله «قوش» في دعم التغيير؟
– لا أعرف له دوراً، لكن هناك أسراراً كثيرة جداً يمكن أن نتكلم فيها مستقبلاً، لكني لم أر له دوراً في التغيير.
> لماذا رفضت عضوية المجلس العسكري برئاسة نائب الرئيس عوض بن عوف؟
– رفضت لأن مجلس ابن عوف ليس تغييراً فقط، غيّرنا المؤتمر الوطني، لكننا وجدناه باقياً، لذلك رفضت، وليتني رفضت التغيير الثاني.
> لماذا؟
– المجلس الثاني جاء فيه نفس القدامى، وللأسف الشديد وافقنا، وكان من المفروض ألا نوافق.
> الدعم السريع وبعض صغار ضباط الجيش انحازوا للثوار.
– الدعم السريع جُزءٌ من الشعب، وحين وصل الثوار إلى القيادة وقفت معهم، ومعهم جنود وضباط في الجيش، بينهم رُتب كبيرة حالت التراتبية العسكرية دون ظهورهم.
> شهد ميدان الاعتصام هتافات مؤيدة للدعم السريع، لكن المشهد انقلب فجأة ضدها.
– هم أصحاب الأجندات المُعادية، تم فض الاعتصام، لأنهم كانوا يريدون إزالة الصورة التي استطعت رسمها عند المواطن، من خطط لذلك كان يريد إنزال صورتي هذه.
> مَن هُم أصحاب الأجندة؟
– لا أستطيع تحديدهم الآن، لكن أقول هم من يُروِّجون لتجريم قوات الدعم السريع وقائدها «حميدتي»، هم من فضوا الاعتصام.
> ما تفسيرك للعداء للأجندة المعادية للدعم السريع؟
– هي أجندة واضحة للعلن، وقد ألقي القبض على خلايا تعمل على ضرب الدعم السريع وتشويه صورته وشيطنته، ولا أدرى ما قصدهم، هو عمل منظم ضدنا.
> من هم المنظمون، قوى داخلية أم خارجية؟
– لا اتّهم أي دولة خارجية، لكنهم سودانيون بالخارج يعملون ضد الدعم السريع، بجانب أنصار النظام البائد، وبعض أنصار الثورة لعبوا دوراً في التأليب ضدنا.
> ظللت فترة طويلة تتكلّم عن معلومات تتعلق بفض الاعتصام، ألم يحن الأوان لكشف النقاب عنها؟
– هناك تحقيق، ولا نريد التأثير على العدالة، سنتكلّم في وقتها.
> إذا وجّهت لجنة التحقيق اتهامات للدعم السريع، فهل ستستجيبون لها؟
– استجبنا لها، وهناك من أدلوا بأقوالهم.
> توصّلت عبر مفاوضات لاتفاق سلام مع الحركات المسلحة في جوبا، هل سيسهم ذلك في الاستقرار وتحقيق السلام؟
– دخلنا المفاوضات إخوة، ولم ندخلها أعداءً، قضية السلام قضيتنا كلنا سودانيين، لأن هنالك مظالم تاريخية نعمل مع الإخوة في الكفاح المسلح على حلّها.
> البعض يصف الاتفاقية بأنها مجرد محاصصات.
– هذا سلام حقيقي، لكن أكيد هناك محاصصات، شاركوا بموجبها في السلطة، لكن المحاصصات يجب أن تقوي الدولة وتكون حكومة قوية ومسؤولة، فالحركات تستحق المشاركة في السلطة، لأنها عانت التهميش.
> الحركات المسلحة التي كانت معادية للدعم السريع، وخاضت ضده المعارك أصبحت أكثر قرباً منه، ما تفسيرك؟
– نحن قاتلنا رجالاً وصالحنا رجالاً، نحن جزء لا يتجزأ من السودان، فالطرفان كانا خاسرين من المعارك.
> أين وصل التفاوض مع عبد العزيز الحلو؟ وكيف أقنعته بالتفاوض معك بعد أن كان يرفض، إلى جانب عبد الواحد محمد نور؟
-يرجع الفضل للرئيس سلفا كير ميارديت ومستشاره توت قلواك، فقد تبنيا المبادرة، جلست مع عبد العزيز في بيته ساعتين، فوجدت رجلاً هادئاً يرغب في السلام، لكن عنده عدم ثقة في الناس، طمأنته ووجدنا أن رؤيتنا أحدنا قريبة من الآخر. للأسف الشديد أعداء السودان والثورة في الخرطوم، ومجموعة معه، يُروِّجون ويُشوِّهون صورة الدعم السريع، حين يرفض الحلو التفاوض معي فلا مشكلة، لكن مُشكلتي في الاتهامات. قلت لعبد العزيز؛ الدعم السريع قامت بحماية المدنيين في كادُقلي وبورتسودان وفي كسلا والقضارف وحلفا، وقلت له ظلمتني وظلمت قوات الدعم السريع، فتوافق معي تماماً، ونتمنّى انضمام أخينا عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور لركب السلام، تكلّمنا مع عبد الواحد محمد نور وأرسلنا له الوفود، ولا يزال الاتصال بيننا مستمراً.
> شاركت في تحقيق سلام دولة جنوب السودان، كيف أفلحت في جمع الفرقاء هناك؟
– بعد توقيعهم اتفاق سلام، كان هناك فقدان ثقة بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه الأول رياك مشار، واستطعنا إعادة الثقة بين الرجلين من خلال التواصل الذي نجم عن اصطحابي رياك مشار لجوبا، ثم أدخلنا القوات التدريب، وأعدنا الثقة بينهم فتحقق السلام، وسيتجاوزون العقبات.
> ترأست لجنة الطوارئ الاقتصادية ووعدت بتحقيق مكاسب في وقت وجيز.
– كنا نخطط لجعل سعر صرف الجنيه في حدود 80 جنيهاً للدولار، للأسف الشديد أفشلنا أعداء السودان، وقرر بنك السودان رفع السعر إلى 120 جنيهاً. فارتفعت السوق الموازية إلى 200 جنيه للدولار، ما أفشل عمل اللجنة، لأن خططنا وشروطنا لم يتم قبولها، لكنا نحاول «التماشي» مع الأمر، حتى لا تنهار البلد منذ بدايات تكوين الحكومة.
> ما القوى التي تعمل على إفشال عمل لجنة الطوارئ الاقتصادية؟
– لا أستطيع تسمية شخص، لكن أعداء السودان موجودون، ولو لم نضعهم في الطريق الصحيحة، لن تمضي البلد إلى الأمام.
> لماذا لم تُفعلوا هذا القانون؟
– لا نريد الدخول في خلافات، ونوقف الحديث عن تغول العسكريين، فبنص الوثيقة مجلس السيادة سلطة تشريفية، وما نقوم به مساعدة للجهاز التنفيذي لإنجاح المرحلة الانتقالية.
> نصت الاتفاقية على إعادة دمج وتسريح كل القوات في الجيش وتكوين جيش سوداني واحد، ما مصير قوات الدعم السريع في هذه العملية؟
– الاتفاقية حدّدت جداول لتنفيذ إعادة الدمج والتسريح، وباعتبارنا جُزءاً من القوات المسلحة، ونعمل وفق خططها، سنعمل على التأسيس لجيش سوداني واحد، الدعم السريع مصيره القوات المسلحة.
> بنهاية الفترة الانتقالية، هل تُفكِّر في الاستمرار كسياسي وتقوم بدور؟
– تحدثنا في هذا الموضوع كثيراً، لكن الظروف تتغيّر، دعنا نترك الأمر للظروف، وأن تستقر البلاد فلا تحتاج لنا، فأنا اليوم لو لم أكن «مغلوباً على أمري» لما واصلت، دعنا نترك الأمر للقدر والظروف.
> الشراكة بين قِوى الثورة داخل الحكومة الانتقالية والعسكريين؟
– لا نواجه مشكلة مع تحالف قِوى إعلان الحرية والتغيير، لكن الصفوف تمايزت وظهر الصادق من غير الصادق، والوطني وغير الوطني، نحن لا نقول «الحرية والتغيير» كلها غير صادقة، فغالبهم يسعون لاستقرار البلد. سنعمل بالاشتراك مع «الحرية والتغيير» وشركاء العملية السلمية بجانب المكون العسكري لوضع خطة لتغيير الأوضاع القائمة، نحن نريد الوصول لحكومة الفترة الانتقالية، وأن ننتقل من العداء والخلافات لإخراج البلاد من هذه الورطة. ولا نريد التقسيم إلى عسكريين ومدنيين.
> الرئيس البرهان قال أمس إنّ الشراكة في أحسن حالاتها؟
– صحيح في أحسن حالاتها لو تم تنفيذ ما اتفقنا عليه، لكن لو لم ينفذ فستكون في أسوأ حالاتها.
> قلت إن الحكومة الانتقالية فاشلة في تحقيق أهداف الثورة حتى الآن؟
– الفشل واضحٌ، سعر صرف الدولار 250 جنيهاً، نحن لا نلوم الحكومة وحدها على ذلك، فهناك أطراف أخرى، بعد توقيع اتفاق السلام يفترض أن نُعيد هيكلة الحكومة الانتقالية؛ المجلس السيادي ومجلس الوزراء، ونُكوِّن مجلساً مُشتركاً بين الأطراف لتكوين حكومة قوية مسؤولة. سنعمل على اختيار الرجل المناسب للمكان المُناسب، نحن لا نتحدّث عن مستقلين بالطبع، بل عن خبرات وقدرات، ففكرة المُستقلين لم تعد موجودة.
> هل يتحمّل الشق المدني في الحكومة الانتقالية المسؤولية وحده؟
– لا، بل يتحمّلها الكل، هذه مسؤولية جماعية…
> الحكومة المدنية ظلّت تشكو أنها بلا أنياب، أو أدوات تنفيذ؟
– هذا كلام غير صحيح، الحكومة تملك كل الصلاحيات.
> هل يملك رئيس الوزراء مثلاً تحريك قوات الدعم السريع؟
– لم يطلب أيِّ طلب وتأخّرنا دقيقة…
> يتردّد أنك كنت أكثر قُرباً من رئيس الوزراء، ربما ثمة جفوة في العلاقة.
– لا توجد جفوة، لكن السياسات لا يتم تنفيذها، لا تُوجد مُشكلة بيني ورئيس الوزراء، وأنا لا أعمل من أجله، بل من أجل البلد، اتخذنا 51 قراراً لم تنفذ.
أقدِّم صوت اعتذار للشعب السوداني على صُفُوف الخُبز والوقود وغلاء الدولار، وفي ذات الوقت أقول لهم بلدنا ستعبر، فنحن مُتفائلون، لكن ساعدونا، وأوقفوا المظاهرات والمتاريس وحرق الإطارات، وتعالوا نتحاور ونتناقش لنحلّ المشكلات.
*نقلاً عن الشرق الأوسط*