“الرويبضة والإمعة”
إن هذه الظاهرة السيئة، ظاهرة الشخصية الإمعة موجودة اليوم في واقعنا بكثرة، ومنتشرة في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم على كل المستويات.
الإمعة الذين إن أحسن الناس أحسنوا، وإن أساءوا أساءوا.
قال تعالى: (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)، فشبه الله – سبحانه وتعالى – الامعة بالبهائم التي ينعق عليها صاحبها أو راعيها، ولكن ليس لها علم بما يقول راعيها ومناديها، وكذلك الامعات، فإنهم يسمعون الصوت الذي تقوم به عليهم الحجة، ولكنهم لا يفقهونه فقهاً صحيحاً ينتفعون به.
وصدق النبي – صلى الله عليه وسلم – إذ يقول: “يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ، الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ، أَوِ التَّمْرِ، لاَ يُبَالِيهِمُ اللَّهُ بَالَةً” رواه البخاري.
وفي حديث اخر قال النبي – صلى الله عليه وسلم: ((لا تكونوا إمعةً تقولون: إن أحسن الناس أحسنّا وإن ظلَموا ظلمْنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تُحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا).
من مضار أن يكون الإنسان إمعة:
ـ الإمعة يؤكد ضعف شخصه وعقله ودينه.
ـ والإمعة يعيش ذليلاً، هو تابع.
ـ والإمعة منبوذ من الله، ثم من الناس.
ـ والإمعة الأتباع بهذه الصفة يصنعون بطلاً من لا شيء:
(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ).
أرجو الله سبحانه وتعالى أن يعافينا من هذا الخُلق الذميم، أن يكون الناس إمعة.
فهؤلاء هم من هذه الحثالات الإمعات الذين يتمسّكون بالرديء والقشور، ويتركون اللب والأصول، فلهذا لا يرفع الله لهم قدراً، ولا يقيم لهم وزناً، ولا يبالي بهم بالة.
ومن الإمعات أولئك المساكين الذين يتبعون قرناءهم وأصدقاءهم في كل صغيرة وكبيرة، ويكونون عبيداً لهم يسيّرونهم كما يشاءون، ويتخذونهم أدوات ينفذون بهم ما يريدون، فيعيشون أذلاء لهم، أسرى لرغباتهم وأوامرهم، لا يستطيعون التصرف إلا بإذنهم، ولا يعملون عملاً إلا بعد استشارتهم، فكأنهم صرفوا عقولهم، أو سحروا قلوبهم
يقول عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: “اغْـدُ عَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا، وَلَا تَغْدُ إِمَّعَةً فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ”.