يعد الصحفي السوداني المثير للجدل “منعم سليمان” الذي قدم تسريبات خاصة ساهمت في إنجاح (ثورة ديسمبر) تخص الأجهزة الأمنية السودانية والتي شاركت في قمع التظاهرات السلمية، يعد أحد أبرز الوجوه التي ظهرت خلال الفترة الماضية فإلى مضابط الحوار:
حوار – جمال الطاهر
* بدايتك الحقيقية في مجال الإعلام والصحافة.. كيف بدأت؟
في بداياتي لم أدرس الإعلام في ذلك الوقت.. كانت بدايتي في عام 2004 ولكن درسته لاحقاً، وتخصصت فيه، حيث نلت درجة البكالوريوس في الإعلام من جامعة “جامبقو بأوغندا” ودبلوما من معهد (آر تي شي) بهولندا وهو من أرفع معاهد الإعلام.. ودرست الصحافة الاستقصائية في معهد الصحافة بـ(جنوب أفريقيا – جوهانسبيرج)، وفي حقيقة الأمر بدايتي بصحيفة “الأضواء” كنت متدرباً آنذاك، ثم انتقلت إلى صحيفة (الصحافة) ومنها إلى (أجراس الحرية) ومنها إلى المنفى.
وفي العام 2010 أسست مع الاستاذ الصحفي الكبير الحاج وراق صحيفة (حريات الإلكترونية) وانطلقت، بعد ما توقفت حريات بمشاكل تمويل في العام 2017، ثم بعد ذلك عملت كـ(فري لانس) وباحث لعدد من المؤسسات الدولية. “فري لانسر” لبعض الصحف وكتبت في صحف هولندية وبلجيكية وأمريكية، من ثم اشتركت في شبكة الصحافة الاستقصائية العالمية وقدمنا تقارير مهمة ساهمت مساهمة فعالة.
• لماذا اخترت مجال الصحافة؟
لم اختر مجال الصحافة، وإنما مجال الصحافة هو من اختارني.. كنت معارضاً للنظام والوسيلة الوحيدة التي كان يمكن أن نعارض بها النظام هي وسيلة النشر، النشر الإلكتروني آنذاك لم يكن بالانتشار الكبير كما هو الحال الآن؛ وبتلك الطريقة وتلك السانحة دخلت مجال الصحافة.
• من الذي شجّعك على العمل الصحفي؟
هنالك عدة وسائل تشجيعية، ولكن يبقى المشجع الأكبر والشخص الذي له الفضل في ما هو أنا عليه الآن هو صديقي وأستاذي الحاج وراق.
• ما تقييمك للحكومة الحالية.. كيف يمكنك وصف الوضع في السودان؟
حقيقة انا أرى من الظلم تقييم الحكومة الحالية في فترة العام (الفتق أكبر من الرتق) في تقديري وأن ما دمر في 30 عاماً شمل تدميراً أخلاقياً ومعنوياً ومادياً عظيماً كان أشبه “بالزلزال” وأعتقد أنه لا يمكن لأي حكومة على وجه الأرض تستطيع أن تنتقل بالمواطن وتنهض به في فترة العام، نحاسب الحكومة على فترة عام وليس على 30 عاماً.. اعتقد أن الرتق كبير جداً ويحتاج إلى صبر وتواثق على الحق وبالصبر والعمل.. حينها سنعبر، ولكن ليس بالتذمر والتعارض والانشقاقات، نحن مقبلون على فترة أفضل وسيعم الخير السودان عامة.
• خلال تغطيتك للثورة هل يوماً كذبت على الناس؟
الكذب عادة ذميمة، وأنا أجزم بأنني لست كذاباً، ولكن دخول فاعلين جدد في مجال الإعلام الجديد (فيسبوك) وغيره جعل الكثيرين يدخلون هذا المجال بـ(أفكار سطحية وبسيطة)، إضافة إلى حملة تشويه.
أنا أزعم وأجزم بأن أجندة (فيسبوك) لا يزال يضعها النظام السابق وزبانيته، واعتقد هم من يشيطنون الحكومة والنشطاء وكل الفاعلين.. كما أن الفاعلين الجدد أو (محدثي السياسة) الذين عرفوا السياسة ما بعد الثورة، هؤلاء خبراتهم السياسية ضعيفة ويحاكمون الخبر بمحاكمة العوام.. قد أكون أتيت بأخبار كثيرة وكبيرة لم تحدث؛ ولكني لا اشكك في مصدرها؛ وإذا كان حدثت فالفضل يرجع للمصدر وإن لم تحدث (وأنا ناقل الكفر الذي ليس بكافر).
• إبان ثورة ديسمبر كنت تنشر معلومات خطيرة عن الأجهزة الأمنية.. هل كنت تثق في مصادرك، أم كان ذلك استخداماً لك لأغراضهم؟
هذا سؤال عظيم؛ أولاً لازم توفر الوعي السياسي في حدوده الدنيا عند الناس حتى يفهموا هذا الحديث؛ ولكن لأن كثرة الكاثرة الآن على مواقع التواصل ليس لديها وعي سياسي كافٍ حتى تفهم عمق المواضيع، في تلك الفترة جهاز الأمن كان يتقسم على أربعة أقسام.. مجموعة تؤيد البشير ومجموعة تؤيد صلاح قوش ومجموعة تؤيد نافع علي نافع وأخرى تؤيد علي عثمان محمد طه، هؤلاء ثلاثتهم كانوا يريدون تغييراً (يأخذ الرأس ليحل محله رأس آخر إسلامي) كان كل طرف يسعى لإضعاف الآخر؛ ولكن كنت افهم ذلك جيداً ولكن (العبرة في الخواتيم) ألا يأتي أي أحد من هؤلاء الأربعة وهذا ما حدث!! أعتقد بأنني بعد فترة طويلة في الصحافة؛ لابد أنني قد حزت على حدث أو وسيلة لمعرفة (الغث من السمين) ومعرفة الصادق الأمين من الكذاب، وإذا كان هناك خبر لم يتحقق فاللوم ليس عليّ وإنما على مصدر الخبر!! مصدر الخبر نفسه قد تتغير عليه الخطط ليس بالضرورة أن يكون كذاباً؛ ولكن حتى في الصحف العالمية يحدث الخطأ؛ والخطأ مع الصواب دائماً.
• منعم أنت متهم من قبل الثوار ببيع القضية بتبرئتك لـ”قوات الدعم السريع” من جريمة فض الاعتصام؟
أولاً هذه قضية استغلها أنصار النظام القديم وبعض سدنته؛ وتم تسويقها على العوام بأنني قلت ما قلت.
ما قلته أنا أقوله لك الآن، انا قلت ان قادة الدعم السريع لم يشتركوا في فض الاعتصام، واقصد بذلك “حميدتي” وشقيقه عبد الرحيم؛ هذا ما قلته أو هذا روح ما قلته. ولكن أنت تعرف (النسخ واللصق) وهي الممكن يحصل فيها الناسخ والمنسوخ وهكذا الطرق الملتوية؛ أنا اعتقد أنني حزت على معلومات أثبتت لي بما لا يدع مجال للشك بأن هناك قوة من الدعم، كما أن هناك قوة من الشرطة وقوة من الجيش وقوة من جهاز الأمن وقوة من كتائب الإسلاميين هي التي فضت الاعتصام، وحميدتي لم يكن مشتركا في فض الاعتصام ولا شقيقه عبد الرحيم، أنا لا اتعامل بمنطق (ما يطلبه المستمعون)، اتأسف بأنني لا آتي لهم بالخبر الذي يريدونه؛ أنا ناقل للحقيقة وليس لما يريده الناس؛ ولكن الحقيقة تبقى الحقيقة!!
• كيف تنظر للأساليب التي مُورست ضدك في الأيام الماضية على منصات التواصل؟
هي ليست قضية شخصية، أنا لا آخذ الأمور العامة بمأخذ شخصي؛ استهدافي هو استهداف للديمقراطية ولمسار الانتقال الديمقراطي وللحكومة الانتقالية ولا أزعم بأنني أمثل ذلك (معاذ الله)، انا لست بالحكومة أو الرجل الخارق الذي يفعل ما يشاء وما يريد؛ أنا استعنت بـ(شركة تونسية تعمل في مجال السوشيال ميديا) وقد أثبتوا بأن هناك ” 45 الف حساب زائف” بصفحتي!! هؤلاء موجودون؛ ولكنني لا احذف أحدا أو اعمل له (بلوك) أنا لا أفعل ذلك، أحاول أقدم الدروس حتى في مهنتي عن الديمقراطية.