مكين حامد تيراب
إسقاطات الميديا والأجندات الخفية
١٩ ديسمبر ثورة وعي، لعبت الميديا فيها دوراً أساسياً، حيث إن دعوة مواكبها السلمية كانت عبرها… وحتى رسم طرقها ومساراتها .
لعبت الميديا دوراً عظيماً في فضح مُمارسات النظام البائد بفساده وبطشه، وعرّته أمام الرأي العام العالمي وصنعت وعياً وطنياً متقدماً في نفوس شعبنا العظيم .
برزت أسماء نضالية عظيمة واجهت الرصاص متسلحة بكلمة الحق إيماناً بقضايا الوطن وتحملاً للمسؤولية تجاهه، يصعب علينا حصرهم لهم ولأقلامهم تحية الشكر والامتنان .
وتنوّعت أدوار الميديا بين حملات توعوية وسياسية وثقافية وإنسانية بحتة، فكم من الحملات سدّت حوجة مواطن ضعيف، وكم تكفلت بعلاج آخر، وكم جبرت كسر أم أيتام وساندتها.. وكانت هذه المواقف تعكس لنا أصالة الإنسان السوداني الذي لم يتغيّر رغم قساوة الظروف وضيق الحال وعظمة الدمار.
ما يعنينا اليوم هو ما نراه في ذات الميديا، التي قهرت أسطورة ظلم دامت لثلاثة عقود من عُمر الزمان وكتبت نهايتها تحت شعار تسقط بس وسقطت.. فلا عجب أن نتكاتف لنزيل عرش الطاغية ونزلزل حكمة، فهم من سطوا علينا ليلاً واستباحوا بلادنا، لكن أراني أقف مُتعجِّباً من ذات الميديا التي اعتمدناها سلاحاً لنيل حقوقنا وحريتنا تنحرف عن مسارها وتتخصص في زرع الفتنة وتأجيج الصراعات ونشر خطاب الكراهية والقبلية الذي طهّرتنا منه ثورة ديسمبر المساواة والعدالة، وكان شعارنا كلنا واحد وكل البلد دارفور .
ما يعظم علينا الفاجعة، إنّ من يُؤجِّجون هذه الفتن بينهم أقلام كنا نحسبها من أقلام الثورة وكانت مصدر ثقتنا وإلهامنا.. فكيف لمن ساهم في ثورة عظيمة أن يعمل على هدمها بقلمه دون يرمش له جفن.. كيف لثائر أن يلتقي مع مخرب في فكره؟؟.
ثوار أحرار ننتظركم لنكمل المشوار.. هي انتقالية ارتضيناها بكل تقاطعاتها وتحدياتها لنخرج ببلادنا لبر الأمان.. لن يتحقق لنا هذا بالتخوين ولا بالتشكيك ولا الابتزاز السياسي والاسفيري.. مع كامل اعترافنا أنّنا تمنّيناها انتقالية حاسمة بحجم التضحيات ودماء شهدائنا الغالية .
رسائل عاجلة في بريدهم:
•نُراهن على وعي شعبنا الذي لن ينجر وراء التغبيش وتزييف الحقائق
•خطاب الكراهية والعنصرية والقبلية قد يصنع منك بطلاً مؤقتاً أو بطل من ورق.
•كلمة يا راكز في مقابل نشر شائعة مضللة قد يكون ضحيتها شخص برئ وأسر شريفة نفاق .
•الإساءة للحكومة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري ليست شجاعة
• التخفِّي وراء المنصات الوهمية لنشر الفتنة هي هزيمة لخيارات شعبنا لن تفلح
•دعم الأجندات الخفية على حساب الوطنية ومصلحة شعبنا خيانة.
رسالتي للجميع وخاصّةً النشطاء لا تجعلوا من الميديا سلاحاً يسند عدوّكم، اصنعوا منها ثورة وعي ومشاعل نور تضئ مستقبل بلادنا حرية وسلاماً ومحبة استناداً على البُعد الوطني المتجرد الذي يعمق الوحدة ويعزز الاستقرار.