سيد الطيب
خطاب البرهان واللغة الجديدة
خطاب رئيس مجلس السيادة الانتقالي فى مبادرة القطاع الخاص لدعم القوات المسلحة، استخدم فيه لغة جديدة، وابتعد عن العنتريات التي أزّمت الأوضاع، وزادت حالة التدهور الاقتصادي والأمني، بحثاً عن التفويض، ولكن كما يقال في العسكرية البيان بالعمل..
اعترف البرهان أن هناك شرخاً في العلاقة التاريخية بين الجيش والشعب، وأنهم سيسعون لمعالجته بإعادة تنظيم القوات المسلحة بما يضمن عدم نزوعها مستقبلاً للانقلابات العسكرية والالتزام بمهامها الدستورية.
* تفريغ العاصمة والمدن من الوجود العسكري، ونقل معسكرات الجيش إلى المناطق غير السكنية والحدودية، والالتزام بالواجب في حماية التراب الوطني.
* دعم القوات المسلحة للتحول الديمقراطي من أجل بناء دولة مدنية حديثة.
* الجيش جيش السودان، الجيش ما جيش البرهان.
* حيا ملاحم الشعب السوداني المُشتركة مع قواته المسلحة في ثورة أكتوبر وانتفاضة أبريل وثورة ديسمبر المجيدة.
* أكد أن السودان لا يرغب في الدخول في حرب مع الجارة إثيوبيا أو أي دولة جارة، وأن انتشار القوات المسلحة في الفشقة وقفل الحدود الدولية تم باتفاق مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي احمد.
الحديث الإيجابي أعلاه، ستبين الأيام القادمة مدى صحته أو ستثبت ما تعوّدنا عليه من غدر بالشعب ابتداءً بعدم احترام إرادة الشعب الذي يصطف في صفوفٍ، وينتخب مَن يحكمه ثم يقوم عسكري مُوالٍ لتنظيم سياسي أو مدفوع بسند خارجي بالاستيلاء على السلطة وتمزيق أصوات الناخبين.
ما أسماه بالشرخ هو هوّة عميقة شملت انقلابات عسكرية وحروباً داخلية شهدت مذابح وتشريداً ودماراً، جعل السودان يعيش أطول حرب أهلية في أفريقيا، وحرمت أجيالاً من حقها في العيش الحر الكريم، ووصلت لمداها بمذبحة القيادة العامة التي تحدث عنها كباشي ببرودٍ حين قال: وحدث ما حدث!! ولم يستحِ من صورة الشهيد قصي وهو ملقيٌّ على الأرض برصاص الغدر والخيانة، وقبلها كان يرتدي البوري العسكري ويُحيي التحية العسكرية فخراً بمن ظن أنه في حماهم.
رحل قصي وعباس فرح وعبد السلام كشة ومحمد هاشم مطر ومئات الشهداء مغدورين ومخذولين في جيشهم، وهذا ما لا يُمكن معالجته بالكلمات فقط، وإنّما بتقديم الجناة إلى العدالة والعمل الجاد من أجل بناء جيش وطني موحد، لا يسمح بوجود مليشيات أو سلاح خارج المؤسسة العسكرية، جيش عقيدته حماية تراب الوطن وكرامة المواطن وصون إرادته بالدستور الدائم والتحوُّل الديمقراطي الكامل وأمواله تُخضع لوزارة المالية في الدولة، ولا يمارس الحفر لإسقاط الحكومات المدنية عبر الأزمات الاقتصادية المُفتعلة والانقلابات العسكرية التي يُحرِّكها الولاء الأعمى لسياسيين يستغلون العسكر الطامعين ويُحرِّكونهم كالدمي ويجعلون ولاءهم لهم أكبر من الولاء للوطن.
بذرة الخير في الجيش التي أنبتها الضباط والجنود الوطنيون، الذين لم يتلوّثوا بأطماع السلطة، والأموال التي لا تدخل خزينة الدولة لا تزال موجودة وقد شهدها السودان والعالم في النقيب حامد ورفاقه الضباط والجنود الفرسان، الذين هرعوا للدفاع عن شعبهم حاملين شرف الجندية والعسكرية قبل السلاح، وهذه البذرة يمكن أن تتحوّل لعقيدة لكل العسكريين إذا وجدت القيادة المخلصة للجيش والوطن والشعب، حينها سيخوض الجيش معاركه الوطنيه تحت حكومات مدنية مُنتخبة مسنود بإرادة الشعب والدستور وليس فرداً طامعاً في السلطة أو تنظيم أو قائد مليشيا، ووقتها فقط سيكون الجيش حامي حمى الشعب وسلاحه لرد كيد عدوّه لا يرفعه إلا دفاعاً عن الأرض والدم والعرض، وليس الجيش الذي تُستباح قيادته العامة بمليشيات تقتل وتغتصب أمام بواباته ولا تخرج منه كتيبة واحدة تُدافع عن حرمها العسكري وشرفها المهني وتحمي أرواح الذين احتموا به، وليس الجيش الذي صمت ومليشيات الكيزان وأمن المخلوع البشير يقتحموا حُرمات بيوت الأسر السودانية ويعتدوا بالضرب على النساء ويُروِّعوا الأطفال ويقتلوا الشباب دون أن يحرك ساكناً وقيادته تردد، نجدد التفاف الجيش حول القائد بشّة
رحم الله الشهيد العم معاوية والدكتور بابكر والمهندس الفاتح النمير، الذين رحلوا في مثل هذا اليوم في ملحمة 17 يناير 2019، ورحم الله جميع شهداء النضال الوطني في دروب الحرية والسلام والعدالة، والخزي والعار للقَتَلَة ومن شاركهم بالصمت، ومن دافع عنهم طمعاً، ومن تواطأ معهم للإفلات من العقاب.
وما ضاع حقُ خلفه أبداً مطالب.
#البيان_بالعمل