الخرطوم — سودان فيرست
تمر علينا اليوم ذكرى موجعة وأليمة، ذكرى شهداء مذبحة فض اعتصام القيادة العامة واعتصامات الولايات، يوم تم فض الاعتصامات السلمية بوحشية مفرطة، حين قدّم الثوار عشرات الشهداء والشهيدات قرباناً للثورة وسعياً لأن نعيش في بلد يكون فيه الحق في الحياة أسمى الحقوق، ولتأسيس نظام سياسي حساس لقيم العدالة ولا يتسامح مع القتل خارج إطار القانون.
تنظر المحاكم في عدد من قضايا الشهداء، وتحمل ملفات النيابة قضايا أخرى، وتعمل لجنة التحقيق في مذبحة اعتصام القيادة العامة للفراغ من عملها ورفع تقريرها، ونحن نتابع ذلك، دون التدخل في عمل أجهزة العدالة احتراماً لشعارات الثورة ولمبدأ الفصل بين السلطات، لكننا نأمل لأن نفرغ من ذلك قريباً لنعمل على تحقيق بقية أهداف الثورة.
لقد خرج أبناء وبنات شعبنا في حراكهم السلمي يهتفون بشعارهم الخالد، حرية.. سلام.. وعدالة، ومن واجبنا أن نسعى بكل جهد ممكن لتحقيق هذه الشعارات. أن نشيع قيم الحرية والديمقراطية، وأن نسعى لتحقيق السلام في كل ربوع بلادنا، وأن نُحقق قيم العدالة لكل ضحايا الحروب والانتهاكات وأصحاب المظالم، في إطار منظومة القوانين، ومن بينها قانون مفوضية العدالة الانتقالية، والتي سيوكل إليها إنجاز قانون العدالة الانتقالية والذي يعتبر عامود ظهر للسودان الجديد.
ومن باب أولى، ونحن نسعى من أجل تحقيق العدالة، أن نعمل على كشف الحقائق ومعرفة المتسببين في قتل أبنائنا وبناتنا شهداء الثورة، وتقديمهم للقضاء العادل، فبذلك نوقف العنف المؤسسي والموت العبثي الذي ظلّ فينا منذ ما قبل الاستقلال.
للأسف لا توجد طرق مختصرة ولا حلول سحرية لتأسيس الدولة الديمقراطية، بل هي معركة شاملة، تتطلب طول النفس وصلابة الإرادة السياسية والالتفاف الشعبي الموالي لقيم الديمقراطية والعدل، يجب أن نشارك في هذه المعركة جميعاً كحكومة فترة انتقالية وسياسيين وإعلاميين ومجتمع مدني، مع يقيننا أن جيل ديسمبر الذي أنجز الثورة ورابط في الشوارع وصمد أمام القمع، هو الأقدر على خوض غمار تأسيس الدولة السودانية التي يحلم بها، وإنجاز ذلك الفرض الغائب منذ الاستقلال دون الالتفات لأصوات الإحباط والتخذيل.
لشهدائنا في ذكرى التاسع والعشرين من رمضان ١٤٤٠هـ بمختلف ولايات البلاد الرحمة والمغفرة ولذويهم الصبر والسلوان.