هو ابن مدينة قلّ ما يخرج منها أحد لا يملك موهبة.. فأبناء أم درمان بارُّون لها، ولذلك كان أول أعماله مجموعة قصصية “سيرة ام درمانية”، وبعدها توالت الأعمال إلى أن وصل لرواية “شوق درويش” التي كانت بطاقة تعريفية له للعالم الخارجي، حيث حصل على جائزة نجيب محفوظ بالقاهرة ومن ثم جاء المخرج أمجد أبو العلا وأخذ جزءاً من رواية “النوم عند قدمي الجبل” وحوّل قصتها الى فيلم روائي طويل بعنوان “ستموت في العشرين”، الذي حقق نجاحاً كبيراً على المستوى الخارجي وأثار جدلاً واسعاً محلياً.
حوار- أميرة صالح
* رواية النوم على قدمي الجبل، هل كانت مقصودة لتصبح عملاً درامياً؟
ـــ النوم عند قدمي الجبل كتبت كنص قصصي طويل (حوالي 7 آلاف كلمة)، ونشرت في مجموعة قصصية بذات العنوان في يونيو 2014. بعد حوالي عام تواصل معي الصديق أمجد أبو العلا، واقترح فكرة تحويلها إلى عمل درامي. كانت الأمور سلسة والاتفاق سهلاً، فأمجد صديق منذ سنوات، والفكرة كانت مسيطرة عليه بقوة. في نهاية 2016 تقريباً وقّعنا العقد واشترى أمجد حقوق تحويل القصة الى عمل درامي. وأعتقد أنه أجاد في ذلك، إذ بنى تقريباً نصاً موازياً للنص المكتوب وأدخل تعديلاته ورؤيته الفنية.
* هل نتوقع أن تكون هناك أعمال مشابهة؟
ــ بالتأكيد ليس لدي رفض لتحويل أي عمل لي إلى سينما أو تلفزيون إذا كان التحويل جيداً والعرض المادي جيداً. لكن لا توجد عروض جادة حتى الآن. عالم الإنتاج البصري هذا ملئ بالفرص والصدف. هناك حديث يدور عن إنتاج مسلسل قصير عن أحد أعمالي. لكن هل سيحدث ذلك؟ لا أعرف بعد.
* ما هي ملاحظاتك في الفيلم؟
ــ من أجمل ما أبدعه أمجد في الفيلم هو شخصية سليمان التي أدّاها النجم محمود ميسرة السراج. الشخصية في القصة مختلفة عن شخصية الفيلم. لكن أمجد خلق شخصية جديدة تماماً، وأعتقد أنه أعطاها من روحه الكثير وكذلك أتقن النجم السراج أداءها، فكانت لافتة للنظر.
* رواية (الغرق)، البعض يقول إنها لا تشبه كتاباتك هل الاختلاف مقصود؟
ــ ما معنى لا تشبه كتاباتي؟ أليست ذات عوالم الكونج والنوم عند قدمي الجبل وغيرهما؟ على العكس ما سمعته هو سؤال “متى تخرج من منطقتك الآمنة والكتابة عن القرية للتجريب في عوالم جديدة؟” وكانت إجابتي “في العمل القادم”.
* البعض يصفك بانك خليفة الطيب صالح ما قولك؟
ــ لماذا يجب أن يكون للطيب صالح خليفة؟ فكرة الخلافة هذه قائمة على الفردانية. فردانية الطيب صالح وفردانية من يخلفه. لماذا نظن أن القمة لا تسع إلا شخصاً واحداً؟ أو أنك لتنجح فلا بد أن تحمل راية حملها ناجح قبلك؟ الطيب رحمه الله أستاذنا، لكن لماذا يكون له خليفة؟ لماذا لا يكون هناك عدة كتاب سودانيين متميزين؟ تقال أسماؤهم سوياً لأن النجاح يسع كثيرين.
* التمرد في كتاباتك مقصود؟
ــ وهل الكتابة أصلاً إلا تمرد؟ الكتابة هي أقصى درجات الحرية. فكما تقول الروائية بثينة العيسى “تبدأ الكتابة حيث ينتهي الكلام”. فالكتابة فعل متمرد على الصمت والاخفاء والتغبيش. الكتابة تقول ما لا يقال. فهي بطبعها متمردة، لست أنا المتمرد.
*أين تمكن مشكلة الدراما السودانية أهي في الممثل ام النص في اعتقادك؟
ــ في النص وفي الممثل وفي المناخ العام وفي التمويل. الدراما السودانية لم تجد فرصتها للتطور. ولا حتى الدراما الإذاعية التي كنا بارعين فيها قبل عقود طويلة. أتمنى أن تتغير الأمور بعد الثورة وتصبح هناك صناعة دراما، حينها سيخرج من الأدراج النص الجيد وسيخرج من الظلال شباب وممثلون جدد وقدامى لم يجدوا فرصة جيدة لهم. خذي أستاذ السراج كنموذج. فهو يمثل منذ 25 عاماً، ومع كامل الاحترام لتجربته الطويلة لكن في تقديري أن دور عمره كان في “ستموت في العشرين” لأنه وجد بيئة فنية ومخرجا ساعداه على إخراج ما بداخله من إبداع.
* ما رأيك في جائزة الطيب صالح العالمية؟
ــ لي تحفظات على الجائزة منذ أطلقت، لكنها تحفظات من بعيد. لذلك أفضل أن احتفظ بتفاصيلها. عموماً أن الثورة هي ذات أنواطنا التي نعلق عليها كل آمال الغد. فلربما ينصلح الحال الثقافي وبالتالي تنصلح جائزة الطيب صالح.
* ما هو الشئ الذي يميز حمور عن غيره في رأيك؟
ــ هذا سؤال يموت المتصوفة والفلاسفة بحثاً عن إجابته. هل ترين إني عارف بنفسي لهذه الدرجة؟
* هل الكتابات السودانية ترتقي إلى العالمية؟
ــ كل الكتابات السودانية؟ بالتأكيد لا. ولا كل كتابة أي بلد. لأن العالمية من شروطها – نظرياً على الأقل – الجودة. من شروطها أن تكون الكتابة جسر تواصل بين عالمين، فحين يقرأ القارئ الكوري رواية سودانية يشعر بالتواصل لا بالضياع. في تقديري أن هناك كتابات سودانية كثيرة جيدة ينقصها الاكتشاف والترجمة، وهناك كتابات محلية جداً منكفئة على ذاتها وهي جيدة أيضاً لكن لن تهم إلا أهلها.
* هل خروج الكاتب من الوطن يزيد من الجوائز التي يحصدها؟
ــ ليس الجوائز بالضرورة. لكنه يثري تجربته، يقربه للوسط الثقافي في المنطقة، يساعده على النشر في دور كبيرة ولها اسم وانتشار. هناك فوائد عديدة لهذه المسألة لمن أراد أن يبحث عن فائدتها. لكنها في النهاية مسألة شخصية بحتة. بالنسبة لي أعتقد اني استطعت أن اقتنص أفضل ما في الغربة.
* هل هناك قيود على الكاتب السوداني؟
ــ بالتأكيد. قيود وضغوط. قيود اجتماعية وحكومية. وضغوط اقتصادية وسياسية. إن الكاتب السوداني الذي يكتب من داخل السودان بطل في وجهة نظري.
* هل الكتابات ساعدت في التخفيف من كمية القهر الذي تعاني منه المرأة السودانية؟
ــ لا أعرف في الأدب كتاباً قيل إنه ساهم في التغيير المجتمعي المباشر إلا رواية كوخ العم توم. أما غير ذلك فإن الروايات رغم إني أؤمن أنها تغير العالم، إلا أنها لا تفعل ذلك بهذه السرعة. مازالت المرأة السودانية تقبع تحت نير قهر يحتاج لمجهود أكبر من الروايات لإزالته.