الوادي الأخضر- سودان فيرست
تصاعدت أزمة نقص مياه الشرب بشكل كبير بالوادي الأخضر، خاصة في الجزء الشرقي من مدينة الصحفيين، ولم يمثل إعادة تشغيل ثلاثة آبار أمس الأحد حلاً ناجعاً للأزمة.
وكانت المنطقة قد شهدت احتجاجات واسعة على خلفية أزمة المياه، والتي ترتب عليها انتعاش تجارة بيع الماء بعربات الكارو، حيث وصل سعر برميل المياه إلى (500) جنيه.
وقد طال أمد أزمة المياه حتى قاربت العام، وقد أرجعت لجان التغيير والخدمات بمدن الوادي الأخضر (مدينة الصحفيين ومدينتي مربع 21 و15)، الأزمة إلى زيادة حجم التعديات المستمرة على مياه صندوق الإسكان المخصصة للمدن الثلاث، نسبةً للتوسع العمراني بمناطق الحيازات التي نبتت دون شهادات بحث على جانبى امتداد الطريق الرئيسي ابتداءً من منطقة تلال حتى المناطق المحاذية لمربعات الوادي الأخضر، إضافة لأعطال الآبار الجوفية بمنطقة تلال بصورة مستمرة لأسباب فنية مما يزيد الضغط على شبكات المياه.
ويرى مراقبون أن إهمال الصيانه الدورية والمتابعات الفورية للآبار ساهمت في أعطال نصف الآبار العاملة، فضلاً عن عدم الجدية في التفكير بمواصلة الجهود لحفر آبار أخرى لتخفيف معاناة المواطنين.
يذكر أنّ هنالك مساعٍ توقفت قبل أكثر من (10) أعوام لاستبدال مياه الآبار بمياه عذبة من محطة مياه أم دوم، والتي صلت شبكتها حتى حي النصر واكتملت أحواض التنقية والترسيب لها بمنطقة عِد بابكر، ولكن توقفت شركة (قلوبال العالمية) التي رسى عليها عطاء التنفيذ، عن العمل لعدم إيفاء ولاية الخرطوم بالتزاماتها المالية تجاه الشركة.
كما تقدر حجم المشروع بمبلغ (١٠٥) ملايين دولار، تُسدّد من وزارة المالية وبنك السودان المركزي “كحل جذري” لمياه الشرب بالوادي الأخضر، بل بكل محلية شرق النيل، وفقاً لتصريحات الباشمهندس انور السادات مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم أمس الأحد.
وتوقع مهندس في مجال المياه الجوفية – فضّل عدم ذكر اسمه، استمرار الأزمة ما لم يكتمل مشروع محطة أم دوم وتتم الاستفادة من مياه النيل، حتى يتماشى حجم العمل في مرفق المياه مع التوسعات العمرانية المضطردة، معللاً ذلك ببعد المسافة ما بين الآبار والمربعات السكنية والتي تُقدّر بحوالي ١٢ كيلو.
وقال محمد الشايقي مسؤول ملف المياه بلجنة التغيير والخدمات في مربع الصحفيين، إن عوامل كثيرةً صنعت الأزمة التي يعيشها سكان الوادي الأخضر، منها وجود خلل في الإدارة والتنسيق بين هيئتي مياه وكهرباء شرق النيل لملاحقة الأعطال المتكررة بالآبار، فيما يتعلق بالجانب الكهربائي والفني للشبكة وعدم استغلالهم الموارد المتاحة والمطلوبة لهذا المرفق الحيوي، وأضاف الشايقي أنّ الآبار تفتقر إلى خط ساخن ومولدات وبطاريات ومعدات الطاقة الشمسية لتعمل أثناء انقطاع الطاقة الكهربائية المتكررة.
وأكد مسؤول الخدمات من خلال متابعته لملف المياه، أنّ هنالك آباراً كانت معطلة لأسباب فنِّية متعلقة بالتوصيل الكهربائي وبعضها بسبب طلمبات. وأوضح أنّ غياب الجدِّية من قبل هيئة مياه شرق النيل في المتابعة وتجاهل تنفيذ الحلول المتاحة ضمن أسباب الأزمة، مشيراً إلى أنّهم سلموا مبالغ وشيكات مالية من محلية شرق النيل للهيئة لصيانة الآبار منذ عيد الأضحى، إلا أنّ الهيئة لم تحرك ساكناً، وأضاف أنّهم قاموا بتصديق بئر جديدة بتلال كخطوة لإجراء توسعات في المحطات والآبار وشبكات النقل، وقال انّ الهيئة لم تخطُ أي خطوات في هذا الاتجاه.
ويقول عبد الناصر من سكان مدينة الصحفيين إنّ أزمة المياه الحالية كشفت افتقار المناطق السكنية للتخطيط الهندسي للشبكة، حيث إنّ المياه تصل مناطق دون أخرى ببعض الأحيان في مربع واحد، مما يدل على أنّ الشبكة وضعت في باطن الأرض بطريقة عمال البناء في حفر (ساسات) المربعات السكنية أي دون مراعاة للتوصيل بطريقة هندسية، كما أن توزيع المياه داخل المربعات يتم من المناطق المنخفضة إلى المناطق المرتفعة بدلاً من توزيعها من الأعلى، مما يتنافى مع الحقائق العلمية والكونية، فضلاً عن مساهمة بعض المهندسين في بعض التوصيلات العشوائية داخل المربعات مما ساعدت على تفاقم أزمة المياه، علي سبيل المثال لا الحصر (الخط الموجّه لمربع ٢١ من الخط المغذي للصحفيين خط ٦ بوصة من ٦ بوصة) دون بلف! والمعروف سلفاً أن المياه تنحدر من المنطقة المرتفعة للمنخفضة والذي أضعف مياه الصحفيين، وأضاف المواطن أنّ هنالك خطاً شبيهاً بتوصيلة مربع الـ٢١ من الناحية الشرقية للتلال بالقرب من بلف أبو رحاب ٦ بوصة موصّل على الخط الواصل للوادي ١٠ بوصة، وزاد على ذلك أن مياه مربعات الوادي تم توزيعها حتي رام الله جنوب عِد بابكر حسب اعترافات مهندسين بمياه شرق النيل. وتوقع عبد الناصر استمرار معاناة سكان المنطقة من شح إمدادات مياه الشرب، ما لم يتم توجيه المزيد من الموارد المالية للاستفادة من مياه النيلين والتي توقفت جهودها منذ أكثر من عشرة أعوام.
وأبدى المواطن نفسه عدم تفهمه لاعتماد الهيئة على المحطات القديمة رغم عدم قدرتها على خدمة المربعات،
“من غير التوسعات التي صاحبت المربعات أي مناطق الحيازات التي تعدت على مياه الصندوق” على حد قوله، وأضاف أن أغلب آبار المياه التي تخدم مربعات الوادي الأخضر “تتسم بكثرة الأعطال لقدمها من جهة، ولزيادة الضغط عليها من جهة أخرى”. وناشد حكومة المحلية لاعتماد خطة لتطوير تستوعب التوسع السكاني المتزايد بالاعتماد على مياه النيل.