الخرطوم ــ سودان فيرست
لم يعد الحصول على خبز هو الهاجس الوحيد للأسر السودانية، فلحد ما بدأ السودانيون يتعايشون مع صعوبة اغتنائه وكيفوا أنفسهم على التعايش مع الأزمة، وقبل التقاط الأنفاس ظهرت مشكلة الأوزان، فالخبز الذي ينتظرون الساعات الطوال للحصول عليه، باتت القطعة الواحدة منه هزيلة بحيث أنها صارت أصغر من قطعة طعمية في مكان فاخر!.. حجم وزن قطعة الخبز كان يتناقص طردياً مع زيادة الصفوف، وبدأت الأصوات في الإرتفاع، مع انتقاص أوزان قطعة الخبز إلى ما دون الـ(45) جرام.. وكان واضحاً بحسب مواطنين ان أصحاب المخابز يحددون وزن الخبز بناءاً على العدد المنتظر للصفوف، فكلما كان العدد أكبر كلما كان الوزن أقل.
توجيهات بلا أنياب
الجهات المعنية بالأمر، أصدرت التشريعات الخاصة بتحديد أوزان الخبز، ووجهت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس جميع فروعها بالولايات بإجراء مزيد من عمليات القياس والمعايرة لكل الموازين المستخدمة في المخابز تمشياً مع سياسة وزارة الصناعة والتجارة بإلزام كل المخابز بوضع ميزان تجاري على مرأي من المُواطنين لقياس وزن الخُبز، المُتّفق عليه (45 جراماً بواحد جنيه) مع حساب كل (10) قطع خُبز بالميزان (تُعادل 450 جراماً). وأوضح المدير العام للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، شريف محمد شريف أن عمليات الرقابة على الموازين واحدة من مهام الهيئة الرئيسة وفق قانون القياس والمعايرة لسنة 2008 وهي من الأنشطة التي ظلت تقوم بها المواصفات حفظاً لحقوق الناس من الغش والتدليس .لكن القرارات هذه بحاجة للتطبيق على الأرض، ويرى خبراء أن الحكومة لا تعوزها القرارات وانما تفتقر فعلاً لآليات المراقبة وتطبيق لائحة المحاسبة لكل المخابز المخالفة.
التجارة على الخط
وزارة التجارة من جانبها، اكتفت بالتهديد بسحب رخصة العمل من المخابز وإلغاء حصتها من الدقيق، حال عدم الالتزام بالاشترطات الجديدة التى أعلنتها لتنظيم عمل المخابز والمطاحن ، ووجهت المخابز الالتزام ببيع الخبز المدعوم عبر نافذة البيع فقط، من خلال الإلتزام بالوزن المتفق عليه 45 جرام بواحد جنيه.. لكن تصبح قرارات وزارة التجارة ــ بحسب مراقبين ــ (بندق في بحر) حال لم تنفذ مراقبة لصيقة للمخابز. ويرى خبراء اقتصاديون تحدثوا لـ(سودان فيرست) أن الدقيق تديره مافيا تتحكم فعلياً في سوقه من خلال استلام وتوزيع الدقيق المدعوم للمخابز، ولا تضع هذه الأخرى أي شروط لأصحاب المخابز، مايعني بحسب المراقبين، ان سلطة وزارة التجارة لا تنزل للمستويات الدنيا، حيث يتحكم لاعبون آخرون بالسوق.
شعبة المخابز تدخل
في تفسيرها للأوزان الناقصة، تبرر لجنة التسيير لشعبة المخابز، ان السعر الحالي للخبز لا يغطي تكاليف صناعته، وفيما يبدو بحسب تصريحات رئيس اللجنة، عبد الرؤوف مصطفى لـ(سودان فيرست) فإن المخابز ستلتزم بالأوزان الحالية لكون ذلك هو الطوق الوحيد من خسارة أصحابها. وقال عبد الرؤوف ان الوزن الحالي لقطعة الخبز (45) جرام غير عملي، وقدم مقترحاً برفع وزن الخبز إلى (90) جراماً على ان تكون القطعة بسعر جنيهين، ورهن انتهاء أمد الصفوف بتطبيق هذا المقترح منذ اليوم الأول إلى جانب تطبيق الخبز التجاري. ولفت عبد الرؤوف إلى انهم أعدوا دراسة كاملة وتم رفعها لوزارتي المالية والتجارة وفي انتظار الموافقة عليها لحل أزمة الخبز بشكل جذري. وتطرق عبد الرؤوف إلى تراجع حصص الدقيق لأكثر من (50)%، كونها واحدة من مسببات الأزمة إلى جانب اشكالات الغاز، الذي أدى لتوقف بعض المخابز، فضلاً عن تأرجح آداء المطاحن بسبب تراجع كميات القمح الممنوحة وتراجع المخزون الاستراتيجي، مشيراً إلى أن بعض المطاحن تعتمد على الشراء المباشر، ما يقلل الحوجة اليومية للدقيق المقدرة بـ(47) ألف جوال لولاية الخرطوم وحدها، وهو رقم غير متوفر بحسب قوله. وللخروج من الأزمة، دعا رئيس اللجنة التسيرية لشعبة أصحاب المخابز إلى حل العقبات التي تواجه صناعة الخبز، والمتمثلة في اجازة مقترح زيادة الوزن والسعر إلى جنيهين وتفعيل عمل المخابز التجارية وزيادة حصة الدقيق، معتبراً ان هذه المقترحات هى كلمة السر لحل، ليس ازمة الاوزان فحسب، وانما ازمة الخبز بشكل نهائي وكامل.