الخرطوم- سودان فيرست
مع اقتراب موعد تشكيل المجلس التشريعي وحكومة الولايات، صَعدت النساء السودانيات من مطالبهن بضرورة تمثيلهن مُناصفةً مع الرجال، بعدما وصفن مُشاركتهن في الحقائب الوزارية الاتحادية بالضعف والخلل في التمثيل العادل للنساء، ما يُؤشِّر إلى أنّ الثورة لم تنتصر للمرأة بناءً على حجم مُشاركتها في اقتلاع النظام البائد.
وبرزت قضية تمثيل المرأة في هياكل الحكم السِّياسي بالسُّودان بعد ثورة ديسمبر المجيدة، واشتدّ الصراع بين المنظومات النسوية والمُكوِّنات السياسية عندما طالب تجمُّع نساء الأحزاب والقوى المدنية (منسم) بالمُشاركة في مُفاوضات جوبا بين حاملي السلاح في المنطقتين ودارفور والحكومة الانتقالية.
وتجدّدت المطالبة مرة أخرى، عندما شرعت القوى السياسية في الدفع بأسماء المُرشّحين لمناصب الولاة وعُضوية المجلس التشريعي الانتقالي، حيث تُطالب المرأة بنسبة تمثيل تصل لـ(40%).
وتنص المادة (7) من الوثيقة الدستورية على ضمان تعزيز حقوق النساء في المجالات السياسية والاقتصادية كَافّة، ومحاربة أشكال التمييز كَافّة، ضد المرأة، مع مُراعاة التدابير التفضيلية المُؤقّتة في حالتي السلم والحرب. وقد جاءت تشكيلات السُّلطات الانتقالية بناءً على توجيهات الوثيقة الدستورية.
وفي مجلس السيادة الانتقالي، تم تمثيل النساء بكل من عائشة موسى، ورجاء نيكولا، بينما كان نصيب المرأة في مجلس الوزراء ممثلاً في أسماء محمد عبد الله، ولاء البوشي، لينا الشيخ وانتصار صغيرون.
وأكّدت الناشطة النسوية والمُحاضرة بجامعة الأحفاد للبنات، هادية حسب الله، على دور النساء في الثورة السودانية وتحقيق أهدافها، كصانعات ومُشاركات في اتّخاذ القرار، وقالت لـ(سودان فيرست)، إنّ النساء بسبب قُدراتهن لبث الحياة في ظل الموات نتاج فشل سياسات الإنقاذ، كُنّ ولا زلن صاحبات المصلحة الأولى في نجاح الثورة، بسبب مُعاناتهن اليومية، مُضيفةً: “لذلك كانت معركة إزالة نظام الإنقاذ بالنسبة لهن مسألة حياة أو موت”، وتضيف هادية: “استمرار الخلل في التمثيل العادل للنساء في الحكومة الانتقالية يعني أنّ الذهنية القديمة لا تزال تُؤثِّر في القرارات، وأنّ الثورة لم تنتصر بصُورةٍ حاسمةٍ ونهائيةٍ”. وترى هادية، أنّ مُشاركة المرأة في الفترة المقبلة بمثابة محك يُوضِّح جدية السُّلطات الانتقالية من عدمه، على الرغم من تأكيدها صُعوبة حدوث طفرة كبيرة بسبب إرث ثلاثة عقود من الأيديولوجيا.
ويُطالب الاتحاد النسائي السوداني بضمان مُشاركة المرأة في هياكل السُّلطة الانتقالية والسيادية والتنفيذية والتشريعية بالمناصفة، وأشار الاتحاد إلى ضعف الوجود النسوي في ترشيحات الحقائب الوزارية وعدم إشراك القِوى النسوية في اختيار الكفاءات من النساء، والمُطالبة بالمُناصفة (50%) في جميع المُستويات وبمعيار الكفاءة وليس النوع.
وقالت رئيسة الاتحاد النسائي عديلة الزئبق لـ(سودان فيرست)، إنّ الاتّحاد يُركِّز بشكلٍ أساسي على ثمثيل المرأة عموماً، بجانب القضايا التي تهم النساء، وتضيف: “لا نرغب في (كوتة) بقدر ما نسعى لتمثيل يُخَاطب قضايا النساء في خُطة الدولة بشكلٍ عامٍ”.
وحول نسبة التمثيل في حكومات الولايات، تُشير عديلة إلى عدم وجود اتّفاق حتى الآن مع قِوى الحُرية والتّغيير على عَدَدٍ مُحَدّدٍ، وتُؤكِّد أنّ التركيز ينصب في تقدم كفاءات لطرح قضايا المرأة، ونوّهت إلى أنّ تجربة أكتوبر 1946 حقّقت مطالب عديدة ونوعية للنساء، رغم أنّ التمثيل وقتها كان بامرأة واحدة وهو الدور المفقود حالياً، وأضافت: “نحن مع قضايا النساء ولسنا دعاة محُاصصات”. وعن توحد الكيانات النسوية في السودان حول مسألة التمثيل والترشيح، تقول عديلة: “نحن ندفع بالمُرشحات ثم نتفاوض ونتشاور مع المُكوِّنات الأخرى لأنّنا جُزءٌ من تحالُف النساء السُّودانيات ونتّفق في إطار الاتفاق”.
وكان الحراك الثوري ضد النظام البائد، كشف عن دورٍ كبيرٍ للمرأة السُّودانية في قيادة التظاهرات والمواكب والحشد والدفع المعنوي في تظاهرات الأحياء، وقد لعبت المرأة الدور الفاعل الذي سَاهَمَ في إسقاط النظام، على الرغم من الانتهاكات والعُنف المُفرط الذي مَارسته الأجهزة الأمنية في الاحتجاجات السلمية.