سودان فيرست- نعمان غزالي
أيقونة الثورة، الكندّاكة (منى قاسم)، جسّدت المعنى الحقيقي لهتاف (ح تسقط وح نعرِّس كندّاكة)، عندما اكتملت مراسم زواجها من (شرف) يوم أمس السبت الحادي عشر من أبريل أبريل المجيد، ذكرى سُقُوط البشير، ليبدأ عهدٌ جديدٌ من الحرية والسلام والعدالة.
ظُهورٌ دَائمٌ
من أكثر المَشَاهِد ثباتاً في حراك الثورة السودانية هي صورة منى قاسم تتوكّأ على عصاها أو على كتف إحدى صديقاتها مُتصدِّرة المواكب، والمعروف عن الكندّاكة (منوش) كما يحلو للجميع مُناداتها، إنها تُشارك في أيِّ موكبٍ يُعلن عنه تجمُّع المهنيين ولا يهمها في أيّة بقعة جُغرافية كان ذلك الموكب، فشاركت في مواكب الخرطوم وبحري وأم درمان، كما أنّ وُجُودها في القيادة العامّة طيلة أيام اعتصام القيادة الشّهير كان من العلامات المُضيئة في الثورة السودانية.
شهيدة البمبان
صديقة منى (ولاء سيف)، استرجعت شريط ذكريات المواكب، وكتبت على صفحتها بـ”فيسبوك”: (مَرّة كُنّا في موكب في صينية القندول والقوات القمعية بدت تضرب البمبان على الثوار من مسافات قريبة جداً، فردّ عليهم الثوار بالطوب، وفي نص المعمعة دي كُنّا أنا ومنوش وجله وتويا تقصد صديقاتها “منى قاسم وإجلال الفاضلابي وشهد موسى”).. وتابعت (يلا منى قاسم قعدت في الواطة وقالت معقولة بس يعني ما مُمكن لا دبابة لا رصاصة لا شهيدة؟ وفي الآخر أموت بي طوبة، وقعدت في الواطة وقالت أخير لي البمبان من الطوب وشربت كل بمبان العالم).
حضور رئيس (جمهورية أعلى النفق)
من اللافت في حفل زواج الكنداكة منى قاسم هو حضور رئيس جمهورية أعلى النفق الباشمهندس عماد، وهو ما أضفى للمناسبة بُعداً آخر يتناسب وذكرى الثورة السودانية وخصوصاً يوم 11 أبريل وهو يوم سقط الطاغية.
منى وذكرياتها
وكتبت منى على صفحتها بـ”فيسبوك”، شارحةً الإعاقة التي تعرّضت لها.. (لما جيت للدنيا وأنا لسه في عمر سبعة شهور، مشيت قبل الأطفال الإتولدو معاي ولمّا كملت السنة والنص حصل لي شلل بسبب خطأ طبي ونسبةً لأنّي نشأت بالفطرة بالإعاقة ما كنت مُتأثِّرة بالقصة دي، وكنت بشوف روحي مميزة جداً، وفعلاً كنت بركز أني أكون مجتهدة ولغاية ما دخلت الثانوي حبيت إني أكون مُتفرِّدة وأصريت أدخل كلية الهندسة رغم اعتراض العميد آنذاك وكان إجابتي ليهو لما قال لي الهندسة صعبة عليك، قلت ليهو لما أرسب أفصلني، وكملت الهندسة الطبية بجامعة الجزيرة وكنت عايشة في داخلية وطيلة الخمس سنين ما واجهت مشقة ولا في يوم حسيت إني ناقصة، لأنو النقص فعلياً في العقل واتخرّجت وعملت ترينق في مستشفيات كتيرة وبديت أتقّدم للوظائف، وهنا اكتشفت إنو أنا في بلد يقيّم البني آدم بشكلو لا بعقلو، وفعلياً كنت بترفض وأصبحت مُتعطّلة لا عاطلة بسبب هذا النظام الفاسد عشان كده موكب 17 مارس يمثلني).
وكان موكب 17 مارس من العام 2018م مُخصّصاً للعطالى تحت الهاشتاق (مُدن السودان تنتفض).
كلمات إجلال
من أكثر صديقات منى قاسم تعلُّقاً بها، كتبت ما يلي:
(تعالوا أورِّيكم يعني شنو إيجابية، الإيجابيه هي صاحبتي دي منوشي، الواحد بكون فرحان كده إنو في زول في حياتو بشبه منى قاسم.. منى قاسم دي يا جماعة أجمل وأقوى وألطف وأحب إنسان ممكن يلاقيك، زولة من الجنة، مُعاقة بسبب خطأ طبي بس ده ما كسرها، بل خلاها أقوى، درست هندسة معدات طبية، ولغة فرنسية وإيطالية وإسبانية، غير كده أنشط مني وبتواصل أي زول في بيتو وبتراعي أبوها العيان، وبتعمل أكل سمح، ولما تواجهنا مشاكل إحنا أصحابها بنجيها جارين جري بتحل لينا مشاكلنا وتسندنا، أنا ما بتخيل حياتي من دونها، دي الإيجابية الممكن أعدل بيها كل يومي حياتي).