سودان فيرست ــ عبد الرؤوف مصطفى
عندما بدأ العمل رسمياً في كوبري الدباسين، كان مجذوب الخليفة لا يزال والياً للخرطوم، والدولار يساوي ديناراً واحداً و(600) قرش، ولحد كبير كان هناك طلاب يدرسون الهندسة، حينما بدأ العمل، وبينما تخرج هؤلاء الطلاب وصاروا مهندسين أكفاء، جاءوا للعمل بالجسر، كان الكوبري لا يزال يراوح مكانه رغم مرور (17) سنة.
ويعتبر الجسر الذي بدأ العمل به منذ العام 2003، أكثر جسر استغرق أطول فترة زمنية على الإطلاق، إذ شهد مرور (6) ولاة للخرطوم، ورغم أهمية الكوبري والذي يكمل حلقة الطريق الدائري الداخلي، ويعتبر معبراً يربط المطار الدولي الجديد بوسط الخرطوم، فضلاً عن مساهمته في فك الاختناق المروري اليومي للمارة ورغم الأهمية البالغة له، لكن لا يزال الغموض يلف مصيره، حيث تجاوز تواريخ عديدة حُددت لاكتماله، منذ 30 سبتمبر 2008 وحتى أكتوبر 2019. ويشير تقرير المراجع العام إلى أن التكلفة المحدةة للكوبري بلغت (37) ألف دولار، لكن مراقبين يرون ان التكلفة زادت أضعاف المرات لارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه.
وعزا تقرير سابق للمراجع العام، تأخر تنفيذ المشروع لفشل المقاولين، وبسبب تكلفة المشاريع وضعف العقود، وقلة الخبرة في النواحي الهندسية، الأمر الذي أدى إلى إهدار المال العام وضياع الوقت من قبل الجهات المشرفة والشركة المنفذة.
وتدخّلت الحكومة في وقت سابق، وأنذرت شركة (أوزشين) التركية، مرتين في 2006 و2007، عقب فشلها في تنفيذ العمل وهي الشركة صاحبة العقد الأول مع الولاية، التي تولت العمل وفق التعاقد مع وزارة المالية. وتعاقدت حكومة الخرطوم مع شركات عديدة، ولم ينشط العمل في الجسر إلا بنهاية عام 2019، حيث اكتمل تصنيع وتوريد أكثر من (23) باكية من جملة (29) وبنسبة 80%. وتم تركيب (60) كمرة حديدية فوق الجسم من جملة (116) كمرة بنسبة 52%.. وفيما يلي الخرصانة فقد اكتملت (5) بواكٍ من جملة 29 بنسبة 17%، ويجري العمل لمواصلة إكمال المتبقي بالمشروع وفق المخطط لإكمال جسم الكوبري.
وفي الأسبوع الماضي، أعلنت هيئة الطرق الجسور ومصارف المياه بولاية الخرطوم، إغلاق طريق (جبل أولياء ــ الخرطوم) جزئياً عند تقاطع كوبري الدباسين الشرقي لمدة (60) يوماً لبدء أعمال الحفر والتشييد.
ويعدد خبراء، مزايا عديدة لكوبري الدباسين، إذ أنه يعتبر أحد الطرق المؤدية لمطار الخرطوم الدولي الجديد ويربط محليتي أم درمان وجبل أولياء، كما يمثل جُزءاً من الطريق الدائري الثاني، ويسهم الجسر في فك الازدحام المروري لكوبري الإنقاذ والمنطقة حوله، خاصةً وأنّ طول الكوبري يعادل (1670) متراً. منها (400) متر المساحة بين العلبة الداعمة للكوبري والشاطئ، والطريق الرابط له من جهة أم درمان يبلغ (5) كيلومترات، ومن جانب الخرطوم كيلو ونصف، وعرض الكوبري يبلغ 18.5 متر وبعدد 4 (حارات) ومسارات مزدوجة للحركة.
ويرى الخبراء الاقتصاديون ان افتتاح الكوبري سيسهم بصورة كبيرة في حل مشكلة الازدحام المروري في منطقة جنوب الخرطوم، إلى جانب تسهيل حركة المواطنين من العمل والى مقار سكنهم.
وأرجع الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي، تأخُّر اكتمال الكوبري إلى عدد من الأسباب، يأتي في مقدمتها الحصار الاقتصادي الذي تشهده البلاد، فضلاً عن الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد، مما أثّر على توقف عدد من المشروعات، من بينها كوبري الدباسين، موضحاً أن شح العملات الأجنبية كان له بالغ الأثر في عدم اكتمال الكوبري.
الموقف الآن
وأوضحت إدارة الجسور بأن العمل الآن يسير بالمداخل الشرقية والغربية للكوبري بصورة جيدة، وأشارت إلى اكتمال أعمال حفريات الكتف الشرقي للكوبري الطائر في التقاطع مع شارع الجبل لربط امتداد المسار الشرقي بالكوبري الرئيسي بطول (2) كيلومتر، إلى جانب استمرار العمل في تكملة أعمال طبقة الأساس المساعد للمدخل الغربي بطول (5) كيلومترات، وأكدت هيئة الطرق والجسور بولاية الخرطوم، اهتمامها وتكثيف جهودها لتكملة هذا المشروع الذي يعتبر من المشاريع الاستراتيجية بالدولة.
معوقات
وكان المدير العام لهيئة الطرق والجسور بوزارة البنى التحتية الصافي أحمد آدم، عدّد بعض المعوقات التي واجهت الكوبري، من بينها معوقات إدارية، مشيراً إلى ان العمل بالكوبري بدأ منذ العام 2005م، ومر بعدد من المقاولين والشركات الاستشارية، ولكن توقف نتيجة لبعض المعوقات الإدارية بعيداً عن المشاكل الفنية، وذكر آدم أن اكتمال العمل بالكوبري قد شارف على نهايته، مبيناً أنه تمت معالجة جميع الإشكالات بالمشروع، وعزا تأخيره إلى تعقيدات إدارية وصعوبات في التحويلات المالية في ظل الحصار الاقتصادي، حيث إنه يتم تصنيع الحديد للكمرات بالصين ومصر وهذا الأمر اضطر المقاولين السابقين للمشروع من التعاقد مع طرف ثالث للتحويلات المالية، مما انعكس سلباً على وتيرة العمل وأدى إلى تأخيره – على حسب قوله.
وأجرت ولاية الخرطوم، الأيام الماضية، مراجعة شاملة لموقف تنفيذ الكوبري وموقف التدفقات المالية للشركات المنفذة لاستجلاب المواد الخام لتكملة المتبقي من المشروع، ووقفت على الإجراءات التي اتخذت لطرح عطاءات عمل المسارات لمداخل ومخارج الكوبري وإكمال الأعمال الهندسية لتركيب متبقي الأعمدة الحديدية التي وصل العمل بها لنسب كبيرة.