سودان فيرست- محمد حسيب
لا يختلف اثنان، أنّ قضية تحقيق السلام في السودان تُعد من أكبر التحديات التي تُواجه حكومة الفترة الانتقالية عقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة، والشاهد في الأمر أنّ هذا الملف ظلّ يمر بالعديد من المُنعرجات والتجاذُبات بين الأطراف المُتفاوضة.
ويُشير مُراقبون إلى أنّ عامل الثقة المفقود بين هذه الأطراف هو الأكثر تأثيراً على سير المُفاوضات بينهما، وما بيان الجبهة الثورية الأخير إلا خير دليل على ذلك.. ولعل أخطر ما في بيان الثورية، حديثها عن دراسة تكوين جسمٍ آخر للحرية والتغيير إلى حين توحيد المُؤسّسين لقوى الحرية والتغيير على أسسٍ صحيحة بعد تحقيق السلام، وهذا من شأنه بحسب مُراقبين أن يضع ملف السلام في كف عفريت.. ويبقى التساؤل كيف ستُوقِّع الجبهة الثورية على اتفاق السَّلام في ظل ضبابية الوضع وتحفُّظاتها على تحالُف قِوى الحُرية والتّغيير بشكله الحالي؟!
وشَنّت الجبهة الثورية اليوم، هجوماً عنيفاً على قِوى الحُرية والتّغيير، واتهمتها بالسعي وراء الغنائم وإقامة تمكينٍ جديدٍ، وأشار بيانٌ صادرٌ عن المجلس الرئاسي للجبهة الثورية، أنّ (قحت) لا تَرغب في السَّلام وتعمل على تكرار أخطاء الماضي وإقصاء قِوى الهامش.
وقالت الجبهة الثورية في بيانٍ عقب اجتماع مجلسها المركزي بجوبا الاثنين الماضي، تلقّت (سودان فيرست) نُسخةً منه اليوم، إنّ الثورة لن تكتمل دون تحقيق السلام، وأوضحت الثورية أنّها تدرس تكوين جسمٍ آخر للحّرية والتّغيير إلى حين توحيد المُؤسّسين لقوى الحرية والتغيير على أُسسٍ صحيحةٍ بعد تحقيق السلام، مُبيِّنةً أنّ قِوى الحُرية والتّغيير بالخرطوم تجاوزت الجبهة الثورية وهي طرفٌ أصيلٌ مُؤسّسٌ، وأشار البيان إلى أنّ الثورية ستتعامل مُباشرةً مع لجان المقاومة ومجلسي السيادة والوزراء في قضية تعيين الولاة، وأكّد مُقاومتها للمصفوفة ورفضها تعيين الولاة والمجلس التشريعي، وعدّت المصفوفة خرقاً آخر لإعلان جوبا.
وكانت أطراف التفاوُض في سلام السودان الجاري حالياً بجوبا، عاصمة دولة جنوب السودان، قد اتّفقت على تمديد فترة التفاوُض حتى التاسع من مايو المقبل. ووقّع على الاتّفاق لتمديد فترة التفاوُض كلٌّ من الجبهة الثورية السودانية ووساطة جنوب السودان ليمتد من التاسع من أبريل الجاري إلى التاسع من مايو المقبل ورفع النص للحكومة السودانية للتوقيع عليه. ومثل الوساطة المستشار توت قلواك رئيس لجنة الوساطة الجنوبية لمُفاوضات السلام الجنوبية، ووقّع عن الجبهة الثورية قادة مُكوِّنات الجبهة الثورية، بينما بَعَثَ النّص ليُوقِّع عليه لاحقاً الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة الانتقالي ممثلاً لحكومة السودان.
ويبقى التساؤل الأهم في ظل هذه التعقيدات، ينصب حول إمكانية إنجاح العملية السلمية الجارية الآن بجوبا، فالخلاف الكبير والبون الشاسع بين الجبهة الثورية وقِوى الحُرية والتّغيير قد يُعقِّد الوصول لاتفاق سلام نهائي بين الأطراف السُّودانية.
ويقرأ أستاذ العلوم السياسية، صلاح الدومة، القرارات التي خرجت بها الجبهة الثورية من زاوية تأثيرها على عملية السَّلام الجارية بين الأطراف السُّودانية بعاصمة جنوب السودان جوبا، ويشير الدومة في حديثه لـ(سودان فيرست) إلى أنّ السَّلام قد لا يتحقّق طالما أنّ الثقة بين الطرفين مفقودة، لافتاً إلى أنّ تقسيم المُفاوضات إلى خمسة مسارات بدلاً من مسارٍ واحدٍ، قد أضر بالعملية الجارية الآن، فَضْلاً عن رفع الجبهة الثورية لسقوفات مطالبها والحديث عن أشياءٍ ليست من اختصاص قِوى الحُرية والتّغيير. واتّهم الدومة، الجبهة الثورية بأنها لا تنوي التّوصُّل إلى سلام مع الطرف الآخر ووجدت ضالتها في المصفوفة التي توافقت عليها الأطراف الحكومية مُؤخّراً.
وحول حديث الجبهة الثورية، عن جسمٍ آخر لقِوى الحُرية والتّغيير، أكّد الدومة أنّ قِوى الحُرية والتّغيير لن تقبل بذلك الجسم وسترفضه، لجهة أنه سيكون من الدولة العميقة، مُشيراً إلى أنّ الجبهة الثورية لديها تَحالُفات مع عَنَاصِر النَّظام السَّابق.