تقرير- الطيب إبراهيم
عامان فقط عاشتهما مملكة الجبل الأصفر الافتراضية في سلام.. ورغم أن المملكة التي استمد القائمون على أمرها، فكرة إنشائها لتكون وطناً للاجئين وضحايا الصراعات، تحولت هي الأخرى إلى ضحية للصراعات عقب وفاة ملكها المزعوم عبد الإله بن عبد الله آل وُهيب، يوم السبت بفيروس (كورونا)، وهو أول ملك غير مُتوّج يموت بالوباء. فور وفاة الملك قام أحد أقاربه ويدعى عبد الإله بن سلمان، بإصدار منشور أقال فيه رئيس الوزراء نادرة ناصيف من منصبها وعيّن نفسه رئيساً للوزراء بناءً على توجيهات الملك ضحية (كورونا).. اللبنانية ناصيف أصدرت، قراراً، أعلنت رفضها القرار المزعوم الذي أصدره قريب الملك، وسمّت نفسها وليةً للعهد والمعركة لا تزال مشتعلة. و(الجبل الأصفر)، مملكة أُعلن عنها في
٢
أوكرانيا مطلع العام 2018، وهي تقع على الحدود السودانية المصرية، عند بئر طويل، وهي منطقة منزوعة السيادة وتبلغ مساحتها 2060 كم، ولا تعترف بها مصر ولا السودان، حيث تطالب مصر بحدود عام 1899 السياسية المتماسة مع خط عرض 22° شمالاً وهو ما يضع مثلث حلايب داخل الحدود المصرية ويضع بئر طويل داخل الحدود السودانية، بينما تطالب السودان باتفاقية الحدود الإدارية للعام 1902 وهو ما يضع مثلث حلايب داخل الحدود السودانية ويضع بئر طويل داخل الحدود المصرية، ونتيجة لذلك فكلا البلدين تطالبان بحلايب، بينما لا تطالب أي منهما ببئر طويل، وهي المنطقة التي تمت تسميتها مملكة الجبل الأصفر. بالعودة لخلافات المملكة المزعومة، فإن رئيسة الوزراء أصدرت بياناً، أعلنت فيه أن المواطن السعودي عبد الإله بن سلمان، يحاول الانقلاب على الشرعية الدستورية التي تمثلها د. نادرة ناصيف، بصفتها رئيسة حكومة المملكة العتيدة ووليّ العهد، سيّما وأن الملك الراحل ليس متزوجاً، وليست لديه إخوة أو أخوات وفق شهادة المستشار عبد الاله نفسه، الذي كان على صلة مباشرة بالملك. الخرطوم والقاهرة لم تعلقا مطلقاً على إطلاق تسمية (الجبل الأصفر) على المنطقة منزوعة السيادة، ولا على إطلاق مجموعة هواة عزمهم وضع حجر أساس للمملكة، كما أن الأمم المتحدة نفسها لم تمنحها الشرعية، ورغم أن الملك ولا رئيسة وزرائه زارا مملكتهما الافتراضية، غير أن الخلافات دبّت بينهما، ووصلت العدوى الأفريقية إلى المملكة بينما لا تزال حبراً لم يسكب على ورق بعد. الملك المزعوم الذي أعلن عن وفاته يوم السبت عبر صفحة مملكة الجبل الأصفر في (فيسبوك)، لم يحفل به أحد في العالم الواقعي، بل فإن (كورونا) نفسها لم تحفل به، حيث أن الفيروس وصله مثل غمار العامة، بينما الملوك الحقيقيون يتمتعون بحماية وافرة من الوباء.
وقال بيانٌ في صفحة المملكة على (فيسبوك)، إن الملك كان يرغب في الظهور أمام الناس والعالم، خلال رعايته ومشاركته في حفل وضع حجر الأساس للمملكة العتيدة، ولكن الله تعالى لم يمنحه العمر المديد ليحقق حلمه، وغادر هذه الفانية جرّاء إصابته بوباء (كورونا). ثمة منطق يبرر الصراع السياسي في أفريقيا على كراسي السلطة، لسبب أن السلطة هناك حقيقية بالفعل، وأن الرئيس الذي يفوز بالصراع تُفرش له السجادة الحمراء في مطارات العالم ويُستقبل بسلام جمهوري وبورتوكولات، لكن الصراع حول مملكة افتراضية لا تزال في عالم العدم، يُوضِّح بجلاء أن المملكة المزعومة لا يقف وراءها سوى هواة لا قيمة لهم، وأن القيمة الواقعية الوحيدة المتوفرة لهذه المملكة الأسطورية، هي أن لها صفحة على (فيسبوك) يرتادها شباب بدافع الفضول، وآخرون بدافع السخرية. ومع ذلك فإن عدوى الصراع الأفريقي لاحق المملكة وهي لا تزال في عالمها البرزخي.