ويبقى الود
أمير عبدالماجد
يا أخوانا ده كلام..!!
بعيداً عن افتكاسات من لا يرون في الثورة إلا عدواً اقتلع منهم السلطة والثروة والسلاح واللهط المدنكل،
وقريباً من الأزمة التي نمر بها الآن ويمُر بها العالم معنا وتكاد تضرب البشرية ليس فقط في معاشها واقتصادها وحياتها، بل في وجودها، لأن كورونا هذا وسجلوها علي لساني لو لم يجد له العالم علاجاً قبل الشتاء، فإن البشرية كلها ستدخل في أمرٍ ضيِّقٍ.
هذا الفيروس سيشكل خارطة عالمية جديدة في السياسة والاقتصاد والثقافة والرياضة.. قد تختفي شعوب وقبائل من الخريطة وتصعد شعوب وقبائل كانت مطمورة في الخريطة.. لن يتوقف عن تطوير نفسه وسيتأقلم مع كل الأجواء ويحصد أرواح الملايين، لذا لا أجد وصفاً لمن يحاول استغلال هذه الجائحة سياسياً للهجوم على وزارة الصحة ووزيرها، أو الترويج لأخبار كاذبة أو محاولة تسجيل نقاط ضد الحكومة…
هذه تفاهة سياسية ومراهقة للأسف لن يدفع ثمنها من يروِّج لها فقط، بل سندفع ثمنها جميعاً.. لأنّ نظامنا الصحي هش لن يصمد أمام هذه الأعداد المتزايدة من المرضى.. وعاداتنا المجتمعية في مجملها وسائل لانتشار المرض.. ولأن من يهاجمونه الآن لكسب النقاط السياسية هو من يقود جيش المحاربين للمرض ويدفع يومياً فاتورة تدهور الوضع الصحي وهو يتابع جنوده يضربهم الفيروس وينتاشهم ليل نهار، ويرصد قلة الدواء والمعينات وتزايد أعداد المصابين.. ويعلم أن العالم المتقدم الذي يملك المعامل ومراكز البحوث وشركات صناعة الدواء الكبيرة لم يجد حتى الآن وصفة للتعامل مع المرض إلا الوقاية والتباعُد المجتمعي والعزل والمُتابعة، وكلها أمور تقريباً ضد عادات السودانيين، ومن الصعب تطبيقها في ظل الأزمات الاقتصادية الصعبة التي ورثتها الحكومة الانتقالية عن الإنقاذ.
مع ذلك، الرجل يعمل مع جيشه الذي يستحق التحية وهو ينافح ويحارب المرض القاتل في الصفوف الأمامية بدون معينات كافية ووفق نظام صحي منهار واقتصاد منتهي.. لا تحبطوه وتحبطوا جنوده لأن ازدياد الأعداد بالمتوالية التي نتابعها الآن مقلق وخطر ومحبط…
ردوا على هؤلاء اللزجين الذين يتاجرون بالأزمة سياسياً لا تتركوهم هم ومن ينقل عنهم في القروبات… وانشروا الوعي بين من تعرفونهم… كورونا ليس وصمة مجتمعية ولا عيب في الإصابة بها… شجعوا من ظهرت عليه الأعراض أن يتصل بأرقام الطوارئ لأن الصمت لن يعالجها… الأفضل ان يذهب المريض لتلقي علاج، وأن يعزل نفسه ليحمي أسرته والمحيطين به… وبطلوا الحركة غير الضرورية وألزموا دياركم لأن هذا المرض فتاك… وتنازلوا عن بعض الأمور، لأننا هنا لاونحمي أنفسنا فقط، بل أسرنا الصغيرة والكبيرة ونحمي بلادنا… معقولة يا جماعة دورة رمضانية وكورة وتجمع في أيام زي دي…؟! ومعقولة الناس تقطع بين المدن بالمراكب… ماشين وين وشنو الأهم من حياتك وحياة أسرتك عشان تقطع ليهو بي مركب وتدفع أربعمائة جنيه…؟! ثم معقولة يا جماعة صلاة الجمعة تدخل السوق الأسود وتبقى بـ(الدس) في شقق مقفولة… هو الحجر عملوهو ليه… القصد شنو يعني.. قاصدين يمنعوك تصلي الجمعة مع الجماعة… لا طبعاً… القصد منع التجمعات… والتجمعات منعوها ليه… عشان حاتقلب الحكومة فكرك … التجمعات منعوها لأنها وسيلة سريعة لانتشار المرض… منعوها عشان صحتك وصحة أولادك وأسرتك… يعني كل الإجراءات دي إجراءات صحية للوقاية ما عندها أي فهم تاني عشان تتحايل عليها… صحيح الأوضاع الاقتصادية ضاغطة… لكن صدقني ما في حل… لا يُمكن التضحية بحياة السودانيين من أجل الرغيف أو الوقود أو الغاز… وده ما مرض بتحمل استهتار او لولوة… خطير وسريع الانتشار وممكن يذهب بي اسرتك كلها حمانا الله ورفع عنا البلاء…
قبل أن تستجيب لأي كلام عن تساهل الحكومة وعدم تعاملها بصورة مناسبة مع المرض، عاين لي محيطك وشوف الناس بتتعامل كيف مع المرض… وثق أن وزارة الصحة تبذل جهدها والحكومة تساندها… كلاهما يبذل بقدر ما يستطيع… حاول انت برضو تعمل ما تستطيع لتساعد نفسك وبلدك… تحمّل مسؤولية أن تعبر بلادك هذه المرحلة الخطرة وان تتماسك لأن ما نشاهده الآن من انتشار في الخرطوم والولايات يجعلنا نقلق…
الحكومة وحدها لا تستطيع محاصرة الفيروس مهما وفرت معينات وأموالا واطباء وعنابر… ما لم يشعر المجتمع بالمسؤولية ويتحد معها لمكافحة الجائحة سنكون أمام خيارات صعبة ومستقبل مجهول…
مجهول شنو…
مظلم…
ربنا يرفع البلاء وينجِّي البلاد والعباد…