سودان فيرست ــ نادية محمد علي
في مثل هذه الأيام من رمضان الماضي والعيد على الأبواب، استعدّ المُعتصمون من كل أنحاء السودان داخل ساحات القيادة العامة لاستقبال أول عيدٍ بعد اندلاع ثورة ديسمبر، فقد صنعت أشهر الاعتصام الذي بدأ في 6 أبريل من عدة كيلو مترات حول القيادة العامة، سوداناً مصغراً.. مدينة فاضلة تبدأ في رمضان بالصلاة والدعاء لتتحقّق أماني الشعب السوداني بحياة كريمة، وتنتهي بالتهجد وصفوف متراصة من كل لون وعرق، وجهة تصلي على قلب رجل واحد هو الوطن.
صلاة العيد في القيادة فرح لم يكتمل
تجهيزات المعتصمين لعيد الفطر، لم تتوقّف في العشر الأواخر من رمضان، وكان الإجماع أن العيد سيحضر إلى القيادة بكل فرحه وتجهيزاته، فالخيام وظلال الأشجار ستكون هي البيت الكبير الذي يجمع العائلة السودانية بكل تنوعها، صلاة العيد في القيادة كانت الحدث الأهم، الذي أكّد الجميع مُشاركتهم فيه واستعدوا له، ملابس العيد لم تعد مجرد حلمٍ بعيدٍ للمشردين وأطفال الشوارع، الذين احتموا بالجموع وخصّص لهم المعتصمون خياماً لإيوائهم والعناية بهم لإعادتهم إلى المجتمع، ولم يحتج أحدٌ لمغادرة الاعتصام لتجهيز وخياطة جلابية العيد، لأنّ الترزية حملوا ماكيناتهم إلى دولة الاعتصام من أجلهم.
فرحة المعتصمين بقدوم العيد بعد أشهر من الاعتصام سجّلتها الكاميرات وهم ينشطون لترتيب الساحات وتجهيزها ونظافتها لاستقبال المُصلين والمُهنئين، فكانت خبائز العيد والحلويات معدة كأيِّ بيت سوداني في صباح العيد.
مجزرة القيادة تُعيد تشكيل الوجدان السوداني
صبيحة 29 رمضان، كان الغدر حاضراً، وأعداء التنوع والتآلف متربصين، وثائرٌ يكتب على الجدران..
يا يمة ما تبكي
خلي الوطن يبكي
أنا حاسي بيهو حزين
وكأن الثائر يدري أن جرح الوطن أعمق وهو يرى أبناءه مُمزّقين ورحلوا بعيداً عن العيد تحت وابل الرصاص والدخان الأسود، ودماؤهم التي روت الساحات كما ارتوت بعرقهم وهم يختارون البقاء تحت أشعة الشمس بدلاً من البقاء داخل بيوتهم وبين أهلهم وهم يرددون:
دم الشهيد لو راح
أنا وإنت مسؤولين..
رحلوا بعد أن صلوا الفجر جماعة، ووزّعوا وجبة السحور والماء، وهم يحلمون بسودان جديد يعيد تشكيل ملامح الهوية السودانية التي تم تمزيقها طوال 30 عاماً، وقد نجحوا في توحيد الوطن باعتصامهم واستشهادهم، دفاعاً عن حرية المواطن والوطن.
استعدادات اللجان لإحياء ذكرى مجزرة الاعتصام
تمديد حظر التجوال بدواعٍ صحية لأسبوعين، لم يثنِ لجاناً عديدة عن التجهيز للذكرى بالإفطار الجماعي، وختم القرآن الكريم، ورفع صور الشهداء والمفقودين، وجددت أسر الشهداء مطالبها بتقديم المسؤولين عن الجريمة للعدالة، وأكدت في منشورات عدة على عدم التنازل، ورفض أية نتيجة تحقيق لا تُقدِّم المٌنفذِّين للعدالة.