الخرطوم ــ سودان فيرست
مُعاناة حقيقية يعيشها المرضى في الخرطوم هذه الأيام على خلفية دخول (الصيادلة) في إضراب عن العمل، دعا له المشتغلون في هذا القطاع بولاية الخرطوم بغرض الضغط على الحكومة لتوفير الدواء أو كما تقول..!
وتشهد العاصمة إغلاقاً شبه تام للصيدليات، وقال بعض المتابعين، إن نسبة نجاح الإضراب تجاوزت الـ90%، في وقت يشتكي الأهالي، بأن إغلاق الصيدليات زاد من شدة الأوضاع المأساوية في عملية العلاج والتداوي، مشيرين إلى أن حياة ذويهم مُهدّد بالخطر في ظل عدم وجود الدولة، مطالبين بالعدول السريع عن تلك الخطوة.
وقال المواطن الفاتح بشير لـ(سودان فيرست)، إن الظرف الطبي في السودان لا يتحمّل مثل هذه الإضرابات، موضحاً أنه ظل يبحث لساعات طويلة للظفر بأدوية لوالدته المريضة لكن دون جدوى.
بالمُقابل، تقول اللجنة التسييرية لأصحاب الصيدليات بولاية الخرطوم وهي الجهة التي تقف خلف الإضراب، إن الإغلاق سيستمر حتى غداً الأثنين، ونفت في أخر بيان لها عن وجود أي تواصل بينهم وبين رئيس الوزراء لرفع الإضراب وإعلان استجابته للمطالب، وتدفع اللجنة التسييرية بعدد من الأسباب التي تقول إنها دعتها لاتخاذ تلك الخطوة، وتتخلّص في معالجة مشاكل مثل انعدام الدواء وتضارب التسعيرة، بالإضافة للمطالبة بترقية بيئة العمل الصيدلاني وضبط وجود الوسطاء في عملية انسياب الدواء بين الشركات والصيدليات.
منذ يناير الماضي، عادت أزمة الدواء لسطح الأحداث مجدداً وذلك عقب قرار بنك السودان بإلغاء النسبة البالغة (10%) من حصائل الصادر المُخصصة لاستيراد الدواء من غير وضع بدائل، وتفاقمت المشكلة أكثر حين قرّرت بعض مصانع الأدوية الدخول في إضراب هي الأخرى، رفضاً للتسعيرة التي تفرضها وزارة الصحة قبل أن تتدخّل جهات ووساطات نافذة لإعادة المصانع للعمل.
وبحسب دراساتّ، فإن الدولة مطلوب منها توفير مبلغ (55) مليون دولار شهرياً لحل مشكلة الدواء تتمثل في (20) مليون دولار للإمدادات الطبية و(25) مليون دولار لقطاع المستوردين، بينما تذهب (10) ملايين دولار لقطاع التصنيع المحلي. من جانب آخر، يرى تجمع الصيادلة المهنيين – الكيان الذي كانت له أدوار مقدرة في الثورة – أن الأزمة حالياً تتمثل في غياب رؤية وتوجه الدولة تجاه الدواء مما يترتّب على ذلك من سياسات لوزارتي المالية والصحة تجاه الدواء، بالإضافة إلى أن أغلب الحلول المقترحة تصطدم بعد إيفاء الدولة وتنصلها من التزاماتها دون إبداء الأسباب أو طرح بدائل، وكشف التجمع أنهم في انتظار رد كبير مستشاري رئيس الوزراء على مطالبهم التي تم تقديمها إليه وتتلخّص في الإيفاء بالنقد الأجنبي لتوفير الدواء، فضلاً عن إصدار آليات تنفيذ واضحة من رئيس الوزراء وضمان استمراريتها بما يشمل الحاكمية عبر المجلس القومي للأدوية والسموم باعتباره الجهة الفنية المختصة، بالإضافة لوضع جدول زمني واضح وعاجل للبدء في التنفيذ بما لا يتخطى يوم الخميس القادم، وفي حال عدم الاستجابة سيتم إعلان خطوات تصعيدية.
وفي الأثناء، ألمح تجمع الصيادلة رفضه لخطوة الإضراب الآن، ودعا في بيان يوم الجمعة، زملاء المهن بالالتزام تجاه الشعب وتقديم الخدمة الصيدلانية، مشيراً إلى أن ذلك واجب تحتمه ظروف الطوارئ الصحية الحالية وما أحدثته من تقليل لمنافذ تقديم الخدمة الطبية والصيدلانية وما استتبعه من محدودية الحركة، الأمر الذي يجعل على عاتق الصيادلة عبئاً أكبر تجاه المواطن في هذا الظرف بما توفره صيدليات المجتمع من سهولة الوصول لتلقي العلاج والمعلومة والاستشارة الطبية لأصحاب الأمراض والتوجيه الصحيح بخصوص الجائحة، مما يساعد في حفظ الأرواح وتخفيف الضغط على النظام الصحي.