الخرطوم ــ محمد الأقرع
على طعم مرارة الفقد ومواصلة طريق القصاص، استيقظ السودانيون اليوم الأربعاء، الذي يُصادف الذكرى الأولى لمجزرة فض اعتصام القيادة.. أحياء الخرطوم وبعض مدن بالولايات شُلّت الحركة فيها باكراً، فقد خرج شباب الثورة من جديد في سعيهم النبيل لتحقيق العدالة والمُناداة بها والتنديد بالجريمة.
الشوارع التي لا تخون تمدّد على جنباتها هدير الهتافات الغاضبة، بينما تسمّرت في أوسطها الإطارات المشتعلة واللافتات التي تشير للمطالب وتدعو للثبات والجسارة. خرجت صبيحة اليوم أحياء (الحاج يوسف، جبرة، بُرِّي، الديم، بحري، جنوب الحزام، أم درمان، أمبدة، الكلاكلة، ود مدني، كسلا، عطبرة، الأبيض وبورتسودان وغيرها)، وجميعها كانت تشهد وقفات على شكل سلاسل بشرية وتظاهرات في ذكرى المجزرة.
مشاهد وتصويرات
كان المشهد في غاية التشابه والغضب، ردّد المحتجون شعارات تطالب بالقصاص، وكما ابتكر بعضهم محاكاة صعود الشهداء في تلك الساعات الكالحة، حيث ارتدى بعضهم زيّاً شبيهاً بما كان يرتديه الشهيد عباس فرح لحظة ارتقائه وقاموا بمحاكاة سقوطه على الترس حين اغتالته أيادي الغدر، بعض المتظاهرين حملوا صوراً للشهداء وردّدوا الأناشيد والشعارات الوطنية.
الحزن الأكبر ليس يُقال
هناك في أركان قصيّة في مكان الاحتجاج كان يوجد ثائرون وثائرات آثروا الصمت أو الابتعاد حزناً، في الحقيقة لم يستطيعوا ترديد شعارات الثورة والقصاص، في البداية كانت أصوات تخرج متقطعة يشوبها حزن عميق، ومن ثم لاذوا بالصمت واكتفوا بالتحلق حول الإطارات المشتعلة ويبدو أن ذلك الاشتعال يمثل ما اعتمل في نفوسهم من غبن تعجز عن وصفه الكلمات.
مشاركة أسر الشهداء
الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة وبعض مدن السودان الأخرى، شهدت مشاركة فاعلة من أسر الشهداء، حيث كانت أسرة الشهيد محمد مطر سَبّاقة في تنظيم وقفة حداد، الساعة الواحدة ظهراً ببحري، كذلك هناك مشاركة بارزة من أسر عباس فرح وكشة وبرعي ووليد.. في تظاهرات جبرة حين قدمت والدة الشهيد قصي حمدتو استقبلها الشباب بالهتافات والدموع، بالمقابل كانت ملامح (إيمان) – والدة قصي – تشع باليقين بالثورة، والصبر على المكاره.
المفقودون حضوراً
قضية المفقودين أيضاً كانت حاضرة اليوم ضمن أجندة الحراك الاحتجاجي، حيث رفع البعض، صورهم وبوسترات تُطالب بتكثيف البحث العاجل في سبيل الوصول إليهم.
الالتزام بالتباعُد الاجتماعي
الجموع التي تُقدّر بالآلاف التي خرجت اليوم لإحياء ذكرى مجزرة فض اعتصام القيادة، راعت لجان المقاومة في تنظيمها جيداً، من حيث الالتزام بالتباعُد الاجتماعي تحوطاً للإصابة بفيروس كورونا، كذلك نشط البعض أثناء الاحتجاجات في توزيع المعقمات بالإضافة للقصاصة التي تحمل الإرشادات الطبية.
أخيراً….
عموماً، وكما قال البعض إن مجزرة القيادة، الغرض منها أبداً لم يكن إخلاء المكان، وإنما القصد كان كسر إرادة السودانيين وقبر إحساس النصر المتصاعد لديهم، لكن ما شهدته اليوم شوارع الوطن وبعد مرور عامٍ، يؤكد أنه لم تنكسر بعد الهامات، بل ومازال الثوار على العهد والوعد بالقصاص والعدالة.