حوار ـــ صباح المصباح
تطرّق عضو الحزب الاتحادي الأصل ورئيس كيان الشمال والقيادي بالحرية والتغيير، محمد سيد أحمد سر الختم الجاكومي خلال الحلقة الفائتة من الحوار لمضايقات جهاز الأمن له وفتح بلاغات كيدية ضده، وفي الحلقة الثانية والأخيرة من حوارنا معه، كشف الجاكومي عن كواليس مفاوضات جوبا والعديد من الملفات الأخرى.
* توقفنا خلال الحلقة الأولى من الحوار عند مغادرتك السودان؟
– نعم غادرت وعُدت للتوقيع في ميثاق الخلاص الوطني نيابة عن الحزب الاتحادي الديمقراطي، وكان ذلك في السابع عشر من يناير 2018، ومنذ تلك الفترة بدأنا الإعداد الجاد لإسقاط النظام، وكنت في ذلك الوقت عضواً في الهيئة القيادية للجبهة الثورية وممثلاً لها في نداء السودان، وتقدمت بمقترح الذهاب للقصر لاقتلاع النظام بدلاً من الذهاب للبرلمان لزيادة الأجور كما أراد الإخوة في تجمع المهنيين، وبالفعل إستجابوا لمقترحي الذي قدمته في اجتماع بدار الحزب الشيوعي بحضور قيادات على رأسهم صديق يوسف ومريم الصادق وآخرين.
* هل كنتم حضوراً في موكب 12/25؟
-كنا من قيادات موكب 25 ديسمبر، وفي اليوم الذي يليه مباشرة عقدنا أول اجتماع لقوى إعلان الحرية والتغيير في دار المؤتمر السوداني، وتم اعتقالي يوم 12/27 ولم أخرج من المعتقل إلا بعد سقوط النظام.
* ألم تتدخل القيادات الرياضية لإخراجك؟
– تدخل مولانا أزهري وداعة الله وزارني في المعتقل بصفته نائبا لرئيس لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان في المجلس الوطني، وكان المجلس الوطني قد طالب بإطلاق سراح محمد سيد أحمد أسوة بعمر الدقير، صديق يوسف، علي الريح، ساطع الحاج ووجدي صالح، واستنكروا بقائي في المعتقل لمدة أربعة أشهر.
* ثم ماذا بعد إسقاط النظام؟
– واصلنا حراكنا في بناء تحالف الحرية والتغيير، ومن ثم انشغلنا بقضية السلام، ومكثنا في الجنوب حوالي أربعة أشهر، وعدنا قبل الحظر بيومين، ومن المفترض أن نعود إلى جوبا في اليومين القادمين لمواصلة المشوار وهذا هو الشئ الذي أدى إلى ابتعادي عن مسرح الحركة الرياضية في الفترة الماضية.
* كنت واحداً من قادة المواكب ولكن كيف ينظر محمد سيد أحمد للثورة بعد مضي عام؟
– رغم أنني واحدٌ من قيادات الحرية والتغيير وصاحب مقترح الذهاب للقصر لإسقاط النظام، ولكن أقولها بكل أمانة نحن غير راضين عن الذي حدث بعد الثورة، وغير سعيدين بالذي يحدث الآن، وافتكر أن هناك (شلة اختطفت الثورة واختطفت الحرية والتغيير وأنتجت هذا الفشل)، ورغم مضي عام مازلنا نُعاني من شظف العيش ونبحث عن بنزين وجاز وخبز، يعني باختصار مازلنا في ذات المربع الذي تركنا فيه البشير، وأعتقد أن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير فشل في قيادة الثورة، ولذلك كان للجبهة الثورية شرف انتقاد هذا المجلس والمطالبة بهيكلته، وأدرنا حوارات عديدة معها واتفقوا معنا في هذه الرؤى، وأصدرنا بيانات بذلك.
* هل تعتقد أنّ الثورة حقّقت أهدافها؟
– كما قلت قبل قليل، نحن غير راضين عما يحدث، وسنعمل على تقديم رؤية جديدة، وفي رأيي أن واحدة من معاول الفشل أن أكثر من (90%) من الوزراء الذين يتمتّعون بالجلوس على كرسي السلطة لم يكونوا شركاء في إحداث التغيير، ولم يشتركوا معنا في التظاهرات، ولم يدخلوا المعتقلات أو يتعرّضوا للتعذيب أو يُهانوا، وأتوا من الخارج يحملون جوازات أجنبية وخلال الثلاثين عاماً الماضية، أهّلوا أنفسهم أكاديمياً ومالياً وبالتالي هم غرباء عن الثورة، وسنعمل بعد توقيع الجبهة الثورية على اتفاق السلام لتغيير هذه الحكومة على المستويات كافّة، وسيتم ضخ قوى جديدة للثورة وسنُمهِّد الطريق لانتخابات حقيقية عقب نهاية هذه الفترة ليقول الشعب كلمته في أن يختار من يحكمه.
* أين حقوق الشهداء ولماذا التقاعُس في تقديم القَتَلَة للمحاكم؟
– واحدة من الإشكالات التي عطّلت الحوار بين المجلس العسكري والحرية والتغيير هي فض الاعتصام وحقوق الشهداء، وكان لديّ دور بارز في إقناع قوى الحرية والتغيير بضرورة الحوار مع المجلس العسكري بغية الوصول لنقطة اتفاق لتوقف سيطرة المكون العسكري في تلك الفترة، وكان من الضروري تشكيل لجنة قانونية محلية إذا ما احتجنا لسند دولي أو أفريقي.
* تعتبر واحداً من قادة التفاوض وممثلاً لقطاع الشمال في مفاوضات جوبا، حدثنا عن ذلك؟
– أنا مقرر نداء الوطن وعضو بالمكتب القيادي بالجبهة الثورية وأمين الفئات، وحقيقة أنا اندهشت من حديث حمدوك حول أن المسارات أطالت من أمد التفاوض وهذا يؤكد بأن رئيس الوزراء غير متابع، لأن المسارات الثلاثة (الوسط، الشمال والشرق) لم تأخذ أكثر من عشر جولات أي لم تستغرق أكثر من (12) يوماً، رغم أن المفاوضات لها أكثر من (6) أشهر، وهذا يؤكد أن حمدوك غير متابع لملف السلام.
* هناك من يقر بعدم وجود لقطاع الشمال على أرض الواقع وهو جسم مجهول وغير معروف قادته؟
– نحن في مسار الشمال تحدثنا عن قضايا الشمال بصورة جيدة، وحفظنا لأهلنا في الشمال حقوقهم التاريخية في الحصول على تنمية متوازنة مثل بقية الأقاليم الأخرى، وإنسان الشمال كان مُهمّشاً وهذا ما تم التأكيد عليه منذ ان التقينا جون قرنق في نيفاشا 2005 وكذلك خليل إبراهيم رحمة الله عليه وكذلك مني أركو مناوي والقائد عبد الواحد محمد نور، والآن في مفاوضات جوبا أجمعت كل قيادات الكفاح المسلح أن الشمال هو المنطقة المُهمّشة الأولى في السودان، ونتمنى أن تنتهي تلك المعلومات الشائعة والمغلوطة حول تهميش أبناء الشمال لبقية أبناء المناطق الأخرى.
* أين وصلت المفاوضات، وهل هناك بشريات للشعب السوداني بتحقيق السلام قريباً؟
– تم قطع شوط كبير جداً في مفاوضات المسار القومي، وستستكمل التفاوضات في الترتيبات الأمنية لمسار دارفور، ونبشر الشعب السوداني بالتوقيع على السلام في العشرين من الشهر الجاري ومن ثم الشروع في تكوين حكومة جديدة تعبر عن قوى الثورة الحقيقية.
* ما صحة ما يتردّد عن أن هناك مطالبات بعلمانية الدولة من قبل الحركات المسلحة؟
– موضوع علمانية الدولة محله المؤتمر الدستوري، ونحن في الجبهة الثورية لم نتطرق لهذا الأمر، ولكن عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال جعلها واحدة من أسس التفاوض والحكومة قدمت أكثر من (15) مقترحاً، وهو اتفق معهم على مقترح، ولكن تم تجميد التفاوض في ملف المنطقتين (الحلو)، وبعد الفراغ من توقيع السلام مع الثورية سيستمر التفاوض مع الحلو حتى يصلوا لرؤية واضحة، ولعل الكل يعلم التحالف الكبير الذي يجمع ما بين الحلو والحزب الاتحادي الأصل بقيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، وكذلك هناك تحالف جديد سيتم التوقيع عليه بين (جهة ما) من حركات الكفاح المسلح والحزب الاتحادي، وسيكون هنالك التفاف لقوى حقيقية لها وجود تاريخي، وسيتم التوقيع عليه بعد انقضاء جائحة (كورونا).
* ختاماً.. الوضع المعيشي الآن صعب للغاية، ألا تتوقع أن يؤدي هذا إلى قيام ثورة أخرى؟
– صراحة الوضع الاقتصادي وضع هش وبكل أسف الثورة لم تستطع أن تنجز هذا الملف، علماً بأنها كانت ثورة خبز ومن ثم أصبحت ثورة حرية، وعندما خرجت جماهير الدمازين وعطبرة وغيرهما من المدن كان السبب هو انعدام الخبز.. هنالك قوى إقليمية دعمت الثورة وخنقت البشير بعدم مد يد العون المالي والاقتصادي له في دول الإمارات والسعودية وأحيي قياداتها، وحتى هذه اللحظة مازالت تواصل في دعمها للسودان، ونطمح في المزيد من المساعدات والدخول في شراكات “صناعية، استثمارية، زراعية” حقيقية مع هاتين الدولتين، ونقول له شكرا على حُسن صنيعكم، ولدينا الكثير من المغتربين بالسعودية والإمارات، ونحن في هذه المرحلة نحتاج لعون ودعم وسند الأصدقاء، وصحيح الغرب يوعد ولكن لا يوجد شئ على أرض الواقع.