سودان فيرست ـــ تسنيم عبد السيد
الخلافات حَول مناهج التعليم الجديدة، التي تعكف وزارة التربية على صياغتها وإعدادها، لم تنتهِ، وحرب التصريحات لن تتوقّف ووصلت إلى حد المطالبة بإقالة مدير المناهج عمر القرّاي، ووزير التربية محمد الأمين التوم، على خلفية الخطاب الذي أصدرته الوزارة رداً على بيان مجمع الفقه الذي رفض فيه إجازة منهج التربية الإسلامية الجديد المقرر للصف الأول ابتدائي..
تحصل (سودان فيرست) على بعض مُحتوى كتاب التربية الإسلامية الجديد للصف الأول ابتدائي، والذي حوى سوراً للتلاوة منها سورتا (الفيل والهمزة) وسور أخرى للحفظ (الفاتحة، الإخلاص، الفلق ولناس). كما شمل الكتاب، عدداً من القصص لتعليم الأطفال حُسن الخلق وفيها غرس للقيم الفاضلة كـ(النظافة، احترام كبار السن وآداب الأكل)، فضلاً عن مقتطفات من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتعليم الصلاة.
هجوم كثيف تعرّضت له إدارة المناهج بعد بيان مجمع الفقه الذي قال فيه إن منهج التربية الإسلامية غير صالح، وكثير من الدعاة خصّصوا خطبة الجمعة الماضية لقضية المناهج ومجمع الفقه الإسلامي، وأكّد الداعية د. مهران ماهر أنّ الجهة المخولة بمراجعة مناهج أبنائنا هي مجمع الفقه الإسلامي الذي كُلف بهذا الأمر بنص القانون، وأضاف: (لسنا ضد تعديل المناهج، لكن بشرط أن يُعرض على العلماء لا أن يقوم بهذا التعديل شخص واحد معلوم خلفيته الفكرية المعادية للإسلام).
من جانبه، كشف عضو مجمع الفقه د. حسن صالح لـ(سودان فيرست) بأن النموذج الذي عُرض على المجمع غير صالح، وعليه ملحوظات كثيرة، وأشار إلى أن أحد أسباب الخلل هي العجلة في إعداد الكتاب، فضلاً عن عدم الصلاحية إجمالاً بسبب ضعف المقرر المذكور عن تحقيق غايات المناهج الدراسية. ووصف صالح بيان وزارة التربية بأنه صدر بلهجة حادة تتّسم بالعدائية، وتفتقد المهنية، ولم يراع المقامات والاحترام، وجانب مباديء الديمقراطية التي رفعتها الحكومة شعاراً، حيث سلك مسلك التعالي والديكتاتورية، داعياً الوزارة إلى التعقل وسعة الصدر وقبول النصح، بل والنقد وأن تبتعد عن الاصطفاف الحزبي والروح العدائية، ولتعلم أنها وزارة لكل الشعب السوداني، وليست لجهة حزبية أو فئة فكرية، ثم هي وزارة انتقالية، فلتضبط عباراتها وتحرر تصريحاتها وتقف من الشعب السوداني على مسافة واحدة.
في سياق آخر، أبدى كثير من الأسر موافقتها لموقف وزارة التربية والتعليم وإدارة المناهج لتخفيف المواد الدراسية ومراعاة الفوارق الفردية بين التلاميذ، فضلاً عن إعداد مناهج (رشيقة) بعيدة عن (الحشو) الذي يُحوِّل الطفل إلى آلة للحفظ والتفريغ بلا أفق للخيال والإبداع، وقال الزبير عثمان – والد طفلين بمرحلة الأساس – إنّ المناهج بحاجة لمراجعة عاجلة خاصة التربية الإسلامية لأنه لا يمكن إجبار الأطفال على حفظ نحو ٢٠ سورة من القرآن الكريم دون فهم واستيعاب، وأشار إلى أن كثيراً من التلاميذ يحفظون القرآن الكريم بلا حُب ولأداء الامتحانات فقط، داعياً الوزارة لتخفيف المناهج قدر الإمكان ومواكبة التطور العالمي في مجال التعليم.
جاء في البيان أن وزارة التربية، تبعث بالمنهج الجديد لمجمع الفقه لإجازته، وإنما تم إرسال نسخة إلى الكتاب الجديد لوزير الشؤون الدينية للاطلاع، لأنه لم يكن حاضراً الاجتماع بمجلس الوزراء الذي خصّص لمراجعة الكتاب. لكن الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي، عاد ليرد على بيان التربية ويقول إن الكتاب أرسله لنا وزير الشؤون الدينية بخطاب وتم تحويله للمجمع باعتباره دائرة الاختصاص، وقال البيان إن دائرة الأصول والمناهج في المجمع مختصة حسب القانون بمراجعة المناهج التربوية ومكونة من مختصين وتربويين وهي معنية بكل المناهج والتربية الإسلامية بصفة خاصة، وأضاف: (الكتاب يضم 6 أحاديث تُعالج موضوعاً واحداً أو اثنين وهناك حديثان لم تثبت صحة نسبتها للرسول صلى الله عليه وسلم، وان الملاحظات سيتم تفصيلها في مذكرة).