الخرطوم — سودان فيرست
أوضحت وزارة العدل السودانية، أن الكونغرس الأمريكي أجاز صباح اليوم الثلاثاء ضمن قانون الاعتمادات المالية للمؤسسات الفدرالية الأمريكية، التشريع الخاص باعتماد اتفاقية التسويات التي تم التوصُّل إليها بين حكومة السودان وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، فيما يتعلّق بقضايا تفجيرات السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا والمدمرة كول، والتي تم بمُوجبها الاتفاق على دفع حكومة السودان مبلغ 335 مليون دولار، وذلك مقابل حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب كخطوة أولى، يعقبها شطب الأحكام القضائية الصادرة ضد السودان في تلك القضايا، والتي قضت بدفع السودان أكثر من 10.2 مليار دولار، ومن ثَمّ استرداد الحصانة السيادية للسودان بخصوص أي محاكمات مستقبلية تتعلق بالفترة التي كان مُدرجاً فيها على قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقالت وزارة العدل في بيان صباح اليوم الثلاثاء: “تود حكومة السودان أن تُشير هُنا إلى أن النسخة الأولية التي تم تقديمها إلى الكونغرس الأمريكي، كانت تقضي بشطب جميع القضايا المرفوعة ضد السودان تحت قانون الإرهاب وتحويل القضايا المرفوعة على السودان في أحداث 11 سبتمبر 2001 — والتي بدأ رفعها ضد السودان منذ العام 2003 – لتكون بمُوجب (قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب)، المعروف اختصاراً بـ“جاستا،”والذي يمكن بموجبه مقاضاة أي دولة بما في ذلك الدول غير المُدرجة في قائمة الإرهاب، إلا أن ذلك الأمر اصطدم بمُعارضة قوية من قِبل اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ مدفوعين باعتراضات محامي أسر ضحايا 11 سبتمبر، الذين رفضوا تحويل قضاياهم المرفوعة سلفاً ضد السودان إلى قانون جاستا، وبسبب ذلك قضى التشريع الذي تمت إجازته الآن باستمرار هذه القضايا وفق قانون الإرهاب، وليس قانون جاستا، كما طلب السودان”. وأضاف البيان : “فيما عدا هذه القضايا الخاصة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر (والتي يمكن مُقاضاة أية دولة بشأنها بموجب قانون جاستا)، يُوفِّر التشريع الذي تمّت إجازته حمايةً شاملةً للسودان ضد أية قضايا مُستقبلية يُمكن أن تُرفع ضده بمُوجب قانون الإرهاب. كما أن مشروع القانون يشطب كل القضايا الأخرى المرفوعة ضد السودان، ومن بينها خمس قضايا رُفعت هذا العام تتّهم الحكومة السودانية المُبادة بدعم حركة حماس في أعمال إرهابية تضرّر منها مواطنون أمريكيون مُقيمون في إسرائيل، فضلاً عن قضية أخرى قام برفعها في منتصف العام الحالي بَحّارة أمريكيون كانوا على متن المدمرة كول، ولكن لم يسبق لهم أن قاضوا السودان ويُطالبون كذلك بتعويضات من حكومة السودان”. وأكّدت الوزارة أنّ الوضع القانوني للسودان بعد بدء سريان التشريع الذي تمت إجازته، سيصبح دولة مكتملة الحصانة السيادية أمام أية محاولات مستقبلية للتقاضي ضده، استناداً إلى وضعه السابق كدولة كانت مُدرجة في قائمة الدول الراعية للإرهاب. وأوضحت وزارة العدل السودانية، أن التشريع المُجاز يتيح للسودان إبطال كل الأحكام التي حكمت بها المحاكم مُسبقاً في قضية السفارتين والقاضية بتغريم السودان 10.2 مليار دولار، فضلاً، عن شطب كل القضايا الأخرى المرفوعة ضده حالياً، عدا الخاصة بأحداث 11 سبتمبر 2001، والتي يمكن مقاضاة أية دولة بشأنها وفقاً لقانون جاستا. وقال البيان: “تود وزارة العدل أن تؤكد هنا أن السودان ملتزمٌ بالظهور أمام المحاكم الأمريكية والدفاع عن نفسه في القضايا القائمة حالياً لإثبات عدم علاقته بأحداث 11 سبتمبر وبراءته من هذه الاتهامات غير المؤسسة”. وأضاف البيان: “علاوة على استعادة السودان لحصانته السيادية، تم في إطار ذات قانون الاعتمادات المالية أعلاه، اعتماد مبلغ 931 مليون دولار كمساعدات اقتصادية ثنائية مباشرة لدعم اقتصاد السودان، منها 700 مليون دولار كمساهمة في تمويل برنامج الحكومة الخاص بتقديم الدعم المباشر للأسر وبرامج الرعاية الصحية، فضلاً عن مشروعات أخرى، كما تتضمّن هذه المساعدات مبلغ 120 مليون دولار لدعم السودان في صندوق النقد الدولي وإعادة هيكلة مديونياته، بجانب 111 مليون دولار أخرى لمقابلة تكاليف إعادة هيكلة الديون السودانية، و150 مليون دولار كتعويضات للأفارقة الذين تضرّروا في تفجيرات كينيا وتنزانيا، وأصبحوا الآن مواطنين أمريكيين، وكانوا يطالبون بتعويضات إضافية من السودان”. وكشفت الوزارة أن جملة المساعدات المباشرة وغير المباشرة المجازة مع هذا التشريع لصالح السودان بلغت 1.1 مليار دولار، وهي مساعدات منفصلة عن مبلغ المليار دولار الذي التزمت الولايات المتحدة بدفعه للبنك الدولي لسداد متأخرات السودان المستحقة للبنك. وأضاف البيان، “إن وزارة العدل، إذ تحتفي بهذا الحدث الكبير، ليسرها أن تسوق التهنئة الخالصة للشعب السوداني العظيم على هذا التطور التاريخي الكبير في علاقات السودان بالولايات المتحدة، والذي يعني فعلياً انعتاق البلاد مرة واحدة وللأبد من تداعيات فترة حالكة في تاريخ علاقتها مع الولايات المتحدة والعالم، كما أنه يؤشر لعودة البلاد إلى وضعها الطبيعي كدولة ذات حصانة سيادية على قدم المساواة مع كل الدول الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يفتح هذا التشريع من تاريخ سريانه فصاعداً المجال واسعاً ومُمتداً أمام السودان للتعاون الاقتصادي والمالي مع الولايات المتحدة والدول الأخرى بكل حرية وطمأنينة ودون خوف أو خشية من تعرُّض أمواله وممتلكاته للمُصادرة أو الحجز بسبب الأحكام القضائية ذات الصلة بالإرهاب”.